اسباب كثيرة لإخفقات الحزب في الحرب , وهذا المطلوب منه :

طبيعي ان بعد كل حرب تخاض او تفرض ينكب كل فريق على مراجعة ظروفها ودراسة تفاصيلها لأخذ العبر والإستفادة منها لمعالجة اي خلل ولمراكمة الخبرات وزيادة ما هو انجع والتخلص من كل الشوائب . ونحن خضنا حربا ثم فرضت علينا وكما كان هناك انتصارات فهناك اخفاقات , ولأن سلاح المقاومة لم ولن يكن سلاح فئة او حزب او جهة , بل الوقائع اكدت انه سلاح كل اللبنانيين المؤمنين بخيار المقاومة لعدو يتربص بنا الدوائر في كل حين .
نحن كنا وما زلنا مقتنعين بأن اليد الطولى في الحرب بمواجهة اسرائيل كانت وستبقى للمقاومة اللبنانية , وكان من المؤكد ان عملية اجتياح الجليل أمر حتمي في حال تعرض لبنان لأية مخاطر من قبل اسرائيل , وهذا ما علمناه بشكل مباشر من قبل احد القادة الكبار الشهداء في حزب الله قبل اشهر من قليلة من بداية العدوان على لبنان ( الحاج ابو الفضل ) في احدى السهرات الشعبية . فالشهيد رضوان الله عليه لم يكن يتحدث من فراغ وكان على ثقة كبيرة ان المقاومة اعدت العدة لأي مواجهة محتملة , فللطائرة سلاح يواجهها , وحين تطير وتغير وتفرغ حمولتها لن تجد مدرج مطار لتهبط من جديد عليه لأن مدارج الطائرات ستقصف وتدمر , وكذلك البوراج الحربية لها اسلحة مضادة قادرة على تدميرها في عرض البحر . اما الدبابات وخاصة الميركافا فمعركة سحقها لا زالت في الذاكرة بوادي الحجير .
اما قوات الرضوان فكانت امامنا في مناورة جبال عرمتى وشاهدنا بأم العين التدريب العالي المستوى على الإطلاق البري والجوي وتدمير اهدافا نموذجية محددة مع غزارة نيران قوية وكثيفة .
ولكن حتى الآن لم تتضح اسباب ما جرى من اخفاقات , فلماذا تعطلت عملية احتلال الجليل , ولماذا تمكنت اسرائيل من اغتيال الشهداء القادة وصولا لرأس الهرم وهو السيد حسن نصر الله ؟
ولأننا معنيين بالحفاظ على هذه القوة والمقدرات الوطنية والقومية فمن حقنا على الحزب ان نطالبه بدراسة تفاصيل المعركة بكل ظروفها وحيثياتها واطلاع جمهوره وبيئته على اسباب الإخفاقات .
وحتى لا تبقى الإحاطة بهذه الإسئلة من باب التحليل وليس المعلومات المؤكدة, فالمقاومة ملزمة امامنا نحن كبيئتها المعنية بقوتها واستمراريتها , بتقديم اجوبة على تفاصيل الإخفاقات التي حصلت لنطمئن ان المقاومة لا زالت بخير وانها الدرع الحصينة التي تحمي الوطن كل الوطن حتى اولئك الذي يخاصمونها ولا يدركون اهميتها لعدم امتلاكهم المقدرة على التحليل المنطقي لما يحيط بنا كلبنانيين من مخاطر التقسيم والتوطين والإحتلال , حتى لو بقيت هذه الأجوبة سرية وضمن سجلاتها الغير معلنة .
ونحن كجزء من المقاومة لا يمكن ان ننفصل عنها يمكننا ان نطرح فرضيات كانت من اسباب الإخفاقات :
اولا – الإمكانات الهائلة من المقدرات التكنولوجية و التجسسية التي وضعتها الدول الكبرى : اميركا وفرنسا وبريطانيا والمانيا وغيرها من الدول بتصرف العدو الإسرائيلي .
ثانيا – الدراسة المستفيضة والمعلومات التجسسية المتراكمة والمتنامية التي قامت بها اسرائيل على مدى العديد من السنوات لوضع خطط المواجهة الحتمية مع المقاومة .
ثالثا – الثقة الكبيرة لدى عناصر الحزب بحتمية الإنتصار السهل والسريع وشعورهم المفرط بفائض القوة .
رابعا – الإنفلاش وتقليص كبير للسرية المطلقة التي تتميز بها المقاومات , ومن ضمنها نشر الصور والمعلومات عن طريقين اما الإعلام واما وسائل التواصل الإجتماعية .
خامسا – المشاركة في حرب الدفاع عن سوريا والتعاطي مع المجتمع السوري على انه مجتمع يتميز بعقيدة العداء لإسرائيل رغم اغتيال العديد من قيادات المقاومة بناء على معلومات استخبارية اسرائيلية من داخل المجتمع السوري كعملية اغتيال القائد عماد مغنية .
سادسا – المقدرة على الإختراق التجسسي الإسرائيلي للنظام الإلكتروني اللبناني من وسائل الإتصالات السلكلية واللاسلكية ووسائل التواصل الإجتماعية .
سابعا – جزء من الإعلام اللبناني والعربي والدولي الذي كان عن قصد او غير قصد يقدم معلومات مجانية عن المقاومة وقادتها للعدو .
ثامنا – الشبكة الهامة من العملاء الذين تمكن العدو من زراعتهم في مفاصل مهمة من جسد المقاومة فزودوهم بمعلومات خطيرة عن عديد وعتاد المقاومة ومكامن قوتها وضعفها , وكان من شأن ذلك تحييد الكثير من المقاتلين الأشداء قبل بداية المعركة , اضافة الى تدمير جزء هام من ترسانة المقاومة قبل استغلالها في القصف او التفجير في عمليات المواجة المباشرة .
تاسعا – ضعف المعلومات عن المقدرات التكنولوجية التي طورها العدو لحماية نفسه والتي تمكنه من استدراج وتدمير الخصم .
عاشرا- ثقة قيادة المقاومة بفرضية عدم مقدرة اسرائيل على شن الحرب على أكثر من جبهة في ذات الوقت , وعلى فرضية ان الجبهة الداخلية للعدو لن تستطيع تحمل عدة اشهر من القتال , مما جعلها غير مستعدة بشكل جيد اقله لناحية زراعة الألغام في الطرق التي يحتمل ان تدخلها الدبابات والآليات والمشاة .
حادي عشر – جنوح المقاومة نحو مواجهات عسكرية والتحام مباشر مع جيش عدو مدجج بالسلاح في ظل عدم تكافئ او تعادل في القوة , وعدم اللجؤ في كثير من المناطق الى حرب عصابات كشأن الكثير من التحركات الشعبية في مواجهة اي احتلال .فالمقاومة لا يمكن لها مواجهة جيش نظام الا بحرب عصابات .
ثاني عشر – الثقافة الإستشهادية لدى الكثير من الشباب الذين كانوا يتوجهون للمشاركة في المعركة ليستشهدوا لا لينتصروا .
امام ما تقدم وكما ذكرنا فإن المقاومة وعلى رأسها الحزب ملزمون في هذا الوقت واكثر من اي وقت مضى بدراسة مفصلة وسريعة لكل الثغرات الأمنية التي ضاعفت الخسائر بشكل غير متوقع , والتي عطلت المخططات القوية والمحكمة و التي كانت تدور في اغلبها على فرضية احتلال شمال فلسطين المحتلة والدخول الى الجليل . ومن ثم اعادة ترميم مقدرات المقاومة على كافة الأصعدة من جديد وبسرية تامة استعدادا للمواجهات المستقبلية القادمة .
فهذا العدو لا يفقه الا لغة القوة , والمواجهات السياسية والدبلوماسية معه غير مجدية . وعلينا جميعا كلبنانيين ان لا ننام على حرير , خاصة ان دولة اسرائيل الكبرى باتت مهيئة الظروف لقيامتها حسب العقيدة التوارتية والتي من ضمن مخططاتها احتلال الأراضي اللبنانية كل الأراضي اللبنانية واقله الأطماع في احتلال جنوب نهر الليطاني .
صحيح ان المطلوب من الدولة اللبنانية ومن الجيش اللبناني القيام بمهمة حفظ الأراضي اللبنانية والشعب اللبناني والتصدي للعدوان , ولكن كلنا نعلم ان امكانيات الجيش التسليحية هي في حالة مزرية وبدائية وتعتمد على السلاح التقليدي الخفيف والمتوسط ويفتقد الى الدفاع الجوي وهذا يعني تدمير قوة الجيش في اول الحرب , وبالتالي هو عاجز عن المواجهة مع العدو وجها لوجه بالشكل المباشر , ودعمه والوقف الى جانبه بكل اشكال الدعم يجب ان يكون هدفا يسعى اليه اللبنانيون جميعا .
موقع قلم حر