تقرير اسر.ائيلي : اليونيفل تعمل ضد الجيش الإسر.ائيلي ودورها مشبوه ! .. ماذا بعد اليوم التالي لإنتهاء مهمتها وانسحابها من جنوب لبنان ؟

حادثة غير عادية في جنوب لبنان تثير تساؤلات خطيرة حول دور اليونيفيل:
في مطلع الأسبوع الماضي، أعلن قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان (اليونيفيل) أنها أسقطت طائرة مسيّرة إسرائيلية كانت تعمل في منطقة قرية كفركيلا، القريبة من المطلة على الجانب الآخر من الحدود.
عملية الإسقاط نُفّذت بواسطة قوة فرنسية تابعة للمنظمة، ووفقًا لبيان اليونيفيل، فإن طائرة استطلاع إسرائيلية ردّت على ذلك بإلقاء قنبلة يدوية متفجرة باتجاه قوات حفظ السلام، بالإضافة إلى نيران دبابات.
الجيش الإسرائيلي نفى هذا الادعاء، وصرّح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بالعربية، العقيد أفيخاي أدرعي، بأن الطائرة المسيّرة أُسقطت “من دون أن تشكّل أي تهديد، أثناء قيامها بمهام جمع معلومات واستطلاع روتينية”.
ومع ذلك، فإن هذه الحادثة ليست سوى قمة جبل الجليد في اتجاه مقلق، يأتي في ظل سنوات من التغاضي عن تعزيز حزب الله لقوته.
وفي اجتماعات مغلقة، يعبّر مسؤولون كبار في الجيش الإسرائيلي عن استياء متزايد مما وصفوه بـ”فقدان السيطرة” و”البلطجة” من قبل بعض قوات الأمم المتحدة، ويحذّرون من أن اليونيفيل تعمل ضد الجيش الإسرائيلي وتتجاوز صلاحياتها.
في حديث مع موقع ynet، وجّه مسؤول عسكري رفيع في قيادة المنطقة الشمالية انتقادات حادّة إلى تصرفات اليونيفيل، ولم يتردد في استخدام كلمات قاسية ضد قوة حفظ السلام، قائلاً:
“نلتقي بهم وهم يقومون بتوثيق تحركات قوات الجيش الإسرائيلي، بدلًا من توثيق الحدود والأمور التي تقع ضمن صلاحياتهم.”
وأضاف المسؤول:
“نقلنا رسائل حازمة وواضحة في احتجاجاتنا على نشاطاتهم المفرطة وغير الاعتيادية. نحن نفهم الآن أنهم ليسوا قوة مساعدة، بل قوة أجنبية تقوم بأفعال مشبوهة تتجاوز مهامها الرسمية.”
وتأتي حادثة إسقاط الطائرة الإسرائيلية في ظل توتر متزايد بين إسرائيل ولبنان حول نزع سلاح حزب الله، بعد نحو عام من تثبيت وقف إطلاق النار بين إسرائيل والتنظيم الشيعي.
وفي هذا السياق، يبرز دور قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، التي تضم نحو 13 ألف جندي، وتمّ نشرها لأول مرة في جنوب لبنان عام 1978.
وفي آب/أغسطس من هذا العام، مدّد مجلس الأمن الدولي تفويض اليونيفيل حتى نهاية عام 2026، بحيث يُفترض أن تنسحب القوة من لبنان في عام 2027.
وتقول إسرائيل إن إسقاط الطائرة الإسرائيلية المخصّصة للمراقبة في مطلع الأسبوع تمّ على يد قوة فرنسية تصرفت من دون صلاحية في محاولة لإظهار أهميتها.
ويحذر المسؤولون العسكريون من أن مثل هذا إطلاق النار كان يمكن أن يمتد بسهولة إلى بلدة المطلة المجاورة ويعرّض المدنيين للخطر.
ويُعتقد في إسرائيل أن هذا السلوك جزء من نمط أوسع، إذ منذ تجديد تفويض اليونيفيل، لوحظ نشاط مفرط لبعض الكتائب التي تحاول اكتساب خبرة ميدانية وتكثر من الاقتراب من السياج الحدودي والتدخل في العمليات العسكرية الإسرائيلية.
وتضيف المصادر الإسرائيلية أن اليونيفيل تقوم بهذه الإجراءات غير الاعتيادية، مثل إسقاط الطائرة الإسرائيلية، لتُظهر لمجلس الأمن أنها قوة ذات صلة ومبرر لوجودها، وذلك في محاولة لتغيير القرار القاضي بانسحابها نهاية العام المقبل.
وتُعد ألمانيا، إلى جانب دول أوروبية أخرى، من أبرز الداعمين لتمديد ولاية القوة الدولية في جنوب لبنان.
وفي الوقت نفسه، تشير إسرائيل إلى أن اليونيفيل تنشط في مجالات لا تدخل ضمن صلاحياتها الرسمية، مثل المساعدة في إعادة إعمار القرى القريبة من الحدود مع إسرائيل وتزويد الجيش اللبناني بالوقود والغذاء.
خلال عمليات الجيش الإسرائيلي الهادفة إلى كشف مدى جاهزية حزب الله لتنفيذ خططه لاحتلال الجليل وإحباط نشاطه خلال العامين الماضيين، في إطار حرب “سيوف الحديد” والمناورات في جنوب لبنان، تبيّن مجددًا أنه على مدى ما يقارب العقدين من الزمن، قدّمت قوات اليونيفيل — على ما يبدو — غطاءً ضمنيًا لتوسّع حزب الله الهائل شمال الحدود الإسرائيلية.
فقد تمّ بناء بنى تحتية إرهابية ضخمة، ومستودعات أسلحة وذخيرة، وأنفاق، ونقاط مراقبة، قريبًا جدًا من مواقع وقواعد قوات الأمم المتحدة.
ورغم أن مهمة اليونيفيل كانت تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701 ومنع وجود أي سلاح غير شرعي جنوب نهر الليطاني، إلا أن جنود القوة الدولية، كما يبدو، اختاروا غضّ الطرف، ولم يبلغوا عما شاهدوه، ولم يتدخلوا، ما أتاح لحزب الله استكمال خطته لاحتلال الجليل تحت أنوفهم.
ورغم أن التنظيم الشيعي ضعُف كثيرًا خلال الحرب مع إسرائيل، وأن زعيمه التاريخي حسن نصر الله قُتل، إلا أنه لا يزال — بحسب التقديرات — يمتلك قوة نارية كبيرة.
وقال السفير الأميركي في تركيا، توماس بارك، الذي يعمل أيضًا مبعوثًا للبنان وسوريا، خلال مؤتمر في البحرين أمس، إن حزب الله لا يزال يحتفظ بقوة تُقدّر بنحو 40 ألف مقاتل، إلى جانب ما بين 15 إلى 20 ألف صاروخ وقذيفة.
وحذّر قائلًا:
“لا وقت نضيّعه”،
ودعا القيادة اللبنانية إلى الإسراع في نزع سلاح حزب الله، مضيفًا:
“آلاف الصواريخ لا تزال تهدد إسرائيل — وقد تردّ.”
القلق من فراغ أمني في جنوب لبنان
الخشية الأساسية في إسرائيل هي أن تفكيك القوة الدولية (اليونيفيل) من دون قدرة حقيقية للجيش اللبناني على السيطرة على المواقع سيؤدي إلى فراغ خطير ستملؤه فورًا جهات إرهابية.
ووفق التقديرات، فإن الجيش اللبناني يعتمد كليًا على اليونيفيل في تشغيله اليومي، ولن يكون قادرًا على العمل من دونها.
فالقوات اللبنانية تستخدم وقود اليونيفيل لتسيير آلياتها العسكرية في جنوب لبنان، بل وتتلقى الطعام من جنود الأمم المتحدة المنتشرين هناك.
أما بالمقارنة مع آلية المراقبة الأميركية لتطبيق وقف إطلاق النار — التي أُنشئت بعد عملية “سهام الشمال” ووفق الاتفاق الذي صاغته الولايات المتحدة، وتضم عشرات قليلة من المراقبين ومسؤولي التنسيق — فإنها تبرز بوضوح ضعف فعالية اليونيفيل، التي تضم كما ذُكر نحو 13 ألف جندي.
تتألف قوة اليونيفيل حاليًا من وحدات من دول متعددة، تمتد من إيطاليا في القطاع الغربي حتى فرنسا في القطاع الشرقي، وتشمل أيضًا جنودًا من غانا، وفنلندا، وإندونيسيا، وإيرلندا، ونيبال، ودول أخرى.
ويُقال إن اليونيفيل انشغلت خلال السنوات الماضية بتوسيع حجمها وزيادة عدد أفرادها، أكثر من تركيزها على تنفيذ مهامها الأساسية.
ومع القرار بإنهاء تفويضها قريبًا، من المتوقع أن يتم خفض نحو ثلث قوام القوة، وهو ما يثير قلقًا كبيرًا في الجيش الإسرائيلي بشأن “اليوم التالي” بعد انسحابها.
وبحسب صحيفة “الأخبار” اللبنانية، المقرّبة من حزب الله، فإن القرار بتمديد تفويض اليونيفيل حتى نهاية عام 2026 — على الأرجح للمرة الأخيرة — أثار قلقًا بين الدول الأوروبية الأساسية المشاركة في القوة، وعلى رأسها فرنسا، وإيطاليا، وإسبانيا، وألمانيا.
وتشير الصحيفة إلى أن هذه الدول بدأت بالفعل التخطيط لـ”اليوم التالي لليونيفيل”، وتبحث عن سبل للإبقاء على وجود عسكري في لبنان حتى بعد انتهاء المهمة — سواء عبر اتفاقيات مع الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني، أو توسيع مهام اللجنة العسكرية التقنية التي أنشأتها إيطاليا، أو تأسيس قوة أوروبية مستقلة تعمل على غرار اليونيفيل.
وبالنسبة إلى أوروبا، فإن جنوب لبنان يُعد نقطة تمركز استراتيجية في شرق البحر المتوسط، حيث ترى فرنسا في هذا الوجود امتدادًا طبيعيًا لنفوذها التاريخي في لبنان، بينما تسعى إيطاليا لأن تكون الوسيط الرئيسي مع الجيش اللبناني، وتُحافظ ألمانيا على دور قيادي في المجال البحري.
كما أفادت التقارير بأن الوجود الروسي المتواصل في سوريا يعزز الرغبة الأوروبية بالبقاء قريبًا من لبنان، في حين أن بريطانيا تقلّص مشاركتها بسبب صعوبات داخلية.
شكاوى اليونيفيل السابقة
فيما يتعلق بإسقاط الطائرة الإسرائيلية المسيّرة، زعمت اليونيفيل أن الجيش الإسرائيلي هاجم مواقع تابعة لقوة حفظ السلام بعد الحادثة.
وجاء في بيانها:
“لحسن الحظ، لم تُسجَّل إصابات أو أضرار في صفوف قوات اليونيفيل أو ممتلكاتها.”
وأضاف البيان أن إسقاط الطائرة جاء لأن الطائرة الإسرائيلية كانت تحلق بكثافة فوق دورية لليونيفيل، وأن هذه الأعمال من الجيش الإسرائيلي تُعد خرقًا لقرار مجلس الأمن رقم 1701، وانتهاكًا لسيادة لبنان، واستهتارًا بأمن وسلامة قوات حفظ السلام التي تنفذ مهامها في جنوب لبنان.
أما المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بالعربية، العقيد أفيخاي أدرعي، فقال لاحقًا:
“بعد إسقاط الطائرة المسيّرة، ألقى جنودنا قنبلة يدوية في المنطقة التي أُسقطت فيها الطائرة. نؤكد أنه لم يتم إطلاق نار باتجاه قوات اليونيفيل. الحادثة قيد التحقيق عبر قنوات التنسيق العسكرية.”
ولم تكن هذه المرة الأولى التي تُقدَّم فيها شكوى من هذا النوع ضد إسرائيل.
ففي 11 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، قالت اليونيفيل إن طائرة إسرائيلية مسيّرة ألقت قنبلة قرب موقع للقوة في قرية كفركيلا، مما أدى إلى إصابة أحد أفراد القوة بجروح طفيفة.
وأوضحت أن عناصرها رصدوا الطائرة قبل الانفجار، وأن هذا ثاني هجوم من نوعه خلال الشهر نفسه، معتبرةً ذلك
“خرقًا خطيرًا جديدًا للقرار 1701، واستهتارًا مقلقًا بسلامة جنود حفظ السلام.”
بينما تؤكد إسرائيل أن غاراتها في جنوب لبنان تستهدف فقط مواقع وعناصر تابعة لحزب الله تشكل تهديدًا أمنيًا.
إحباط في صفوف مؤيدي حزب الله
رغم شكاوى اليونيفيل من النشاطات الإسرائيلية، إلا أن المنظمة نفسها وُجّهت إليها اتهامات متكررة — خصوصًا من أنصار حزب الله — بأنها تساعد إسرائيل.
ففي أيلول/سبتمبر الماضي، نشرت صحيفة “الأخبار” تقريرًا زعمت فيه أن طائرات مسيّرة فرنسية تعمل ضمن إطار اليونيفيل تجمع معلومات لصالح إسرائيل، وتساعدها في بناء بنك أهداف والمشاركة في تحديد مواقع للغارات.
وسبق ذلك في العام الماضي، حين نشرت الصحيفة نفسها تقريرًا قالت فيه إن “اليونيفيل بدأت تنفيذ طلبات إسرائيلية”.
المصدر : يديعوت احرونوت
ترجمة موقع قلم حر





