الدكتورة مهى الخليل الشلبي من نقابة الصحافة تدعو لحماية محمية شاطئ صور الطبيعية

بدعوة من الجمعية اللبنانية للحفاظ على مدينة صور وفي نقابة الصحافة عقد مؤتمر صحفي شارك فيه نقيب الصحافة الأستاذ عوني الكعكي , والسفير السابق خليل كاظم الخليل والمحامي ناصر الخليل وعدد من الوجوه السياسية والإجتماعية والإعلامية .
بدأ الإحتفال بالنشيد الوطني اللبناني وقوفا , ثم كلمة ترحيب من نقيب الصحافة حيث تحدث عن مدينة صور وعن الوزير والنائب السابق كاظم الخليل الذي كان هامة وطنية كبيرة , ثم تحدث باسم الجمعية الدكتورة مهى الخليل الشلبي ومما جاء في حديثها :
: “نجتمع اليوم في ظلّ تحديات أمنية خطيرة يواجهها لبنان بأسره، والجنوب بشكل خاص، مما يحثنا على صون ثروته الثمينة لاسيما محمية شاطئ صور الطبيعية، الجوهرة البيئية والتراثية”.
اضافت: “ان ما نشهده من اعتداءات ممنهجة على منطقة جفتلك رأس العين يستدعي وقفة ضمير، وهو ما يدفعنا إلى إطلاق نداء عبركم، أنتم حملة الكلمة والصورة، للإضاءة على الانتهاكات ومطالبة الجهات الرسمية بتحمّل مسؤولياتها قبل أن يُمحى ما تبقى من هذا التراث الحي. نطلق هذا النداء، دون أن نغفل عن الوضع المأساوي في الجنوب، وعن الجرائم الإسرائيلية المتواصلة وتهجير سكان المناطق الحدودية، ما يزيد من فداحة ما يواجهه أهلنا وبيئتنا وتراثنا من أخطار مصيرية”.
وتابعت: “منذ مطلع أيلول 2024 يجري تنفيذ إنشاءات لبناء مشروع كبير في منطقة جفتلك رأس العين الشواكير، يتضمن ابنية مخصصة بشكل رئيسي كبير للاستعمال المدني والتجاري (يقال بانه يتضمن إنشاء نحو 150 محلا تجاريا ومطعما، وشقق سكنية)، زيتضمن كما يقال ناديا للجيش وثكنة، وذلك على املاك الدولة المخصصة لاستعمال قيادة الجيش العليا. وهذه الاشغال واقعة على عقارات مدرجة على قائمة الجرد العام للأبنية الاثرية ذات الأرقام: 1504/1570/1571/1572/1573/1574/1575،مساحتها 400.000 متر مربع وهي عقارات لا يسمح بالبناء فيها من دون ترخيص من وزارة الثقافة، وهذا لم يحصل، كونها ذات قيمة اثرية وبيئية كبيرة لوقوعها في محاذاة محمية صور البحرية ولكونها تحوي آثاراً دفينة هامة لمدينة صور الفينيقية البرّية ومرفئها القديم”.
واردفت: “يبدو من المعلومات القليلة الموثوقة المتوفرة للسلطات العامة والخاصة المهتمة بالأمر، ان وزارة الدفاع الوطني عقدت اتفاقا مع شركة خاصة وفق نمط “البناء والتشغيل وإعادة نقل الملكية (BOT)، اعطت بموجبه الوزارة للشركة المذكورة حق استثمار العقارات المذكورة أعلاه، وتنفيذ الانشاءات العائدة للمشروع”.
وأشارت إلى أن “الأسبوع الماضي، وتحديدا في 28 أيار، شهد اندلاع حريق كبير في المحمية الطبيعية، أسفر عن التهام مساحات شاسعة من الغطاء النباتي، في حلقة جديدة من مسلسل الإهمال والتعدّي على أحد أبرز كنوز لبنان، رغبة بإخلاء ممر الى شاطىء البحر مباشرة”.
وقالت: “نأسف لزج وزارة الدفاع الوطني والجيش في مثل هذه العملية التجارية، ويهمنا بادىء ذي بدء التعبيرعن أسمى آيات الإجلال الواجبة لتضحيات الجيش الوطني اللبناني وضباطه ورتبائه وعناصره جميعهم، ونبدي كل التقدير الواجب للدور الوطني الحيوي الذي يلعبه الجيش في الدفاع عن امن واستقرار لبنان وسيادته واستقلاله، لا سيما في هذه الفترة العصيبة والخطيرة جدا من حياة وطننا لبنان، ونعتبر بالتالي ان ضباطه ورتباءه وعناصره يستحقون من الدولة ومن المجتمع ومنا كل العناية والاهتمام من اجل تأمين كافة حاجاتهم المادية والمعنوية، بما فيها الأندية الخاصة بهم”.
اضافت: “نعتبر من جهة ثانية، ان هذه الحاجات جميعها يمكن تأمينها عبر مشاريع واستثمارات تتوافق مع الاحكام القانونية الملزمة للجميع، وفي أماكن من أراضي الوطن بشكل عام وفي صور والجنوب بشكل خاص، التي لا تشكل تأثيرا او اضرارا بغنى البيئة والتراث والآثار التي تميز لبنان. ونحن نخشى، كما تخشى العديد من السلطات العامة والجمعيات الخاصة المعنية بالبيئة والتراث لا بمصالح خاصة، بأن المشروع يؤثر ويضر ضررا لا رجوع عنه في الغنى البيئي والأثري في هذه المنطقة الحساسة جدا، بسبب وقوع عقاراتها المذكورة كما اوضحنا بمحاذاة محمية شاطئ صور الطبيعية، وبسبب وضعها على قائمة الجرد العام للأبنية الاثرية لاحتوائها آثار هامة دفينة تعود لمدينة صور الفينيقية البرية ومرفئها القديم”.
وتابعت: “ان وزارة الدفاع والشركة المتعهدة لم تمتثلا لقرارين قضائيين بوقف الاعمال الصادرين عن حضرة قاضي الأمور المستعجلة في صور، بالرغم من ابلاغ القرارين منهم اصولا والزامهم بتوقيف الاعمال تحت طائلة غرامة اكراهية كبيرة قدرها ٢٠٠ مليون ليرة تدفع عن كل يوم تأخير. ولم تستجب وزارة الدفاع الوطني لطلب المعلومات المقدم من جمعيتنا بتاريخ ٢٢ نيسان الفائت، والمتمثل بنسخة عن عقد ال BOT والخرائط المرفقة به بمخالفة لقانون الحق في الوصول الى المعلومات (رقم ٢٨/٢٠١٧)، وقد انقضى أكثر من ١٥ يوما وهي المهلة القانونية للجواب، ما يجعل من هذا السكوت رفضا للطلب. مع العلم بان هذا القانون لا يتيح رفض تسليم المعلومات الا في المعلومات التي تتعلق باسرار الدفاع الوطني، وهذا المشروع ليس من هذه الاسرار”.
وأكدت أن “المشروع التجاري يشكل تهديدا مباشرا للمكامن الأثرية المدفونة في المنطقة، والمُدرجة على لائحة الجرد العام. لقد أكدت دراسات أثرية عديدة أن مرفأ صور البرّية التاريخي (Palea-Tyr)، مدفونا في منطقة الشواكير، ممتدا بين تل الرشيدية وتل المعشوق، المحظور البناء فيها وتمديدات الصرف الصحي وفق قرار الأونيسكو عام 1999
رقم WHC-99/CONF.204/15″.
ولفتت الى أن “وزارة الدفاع تجاوزت شروط إشغال الأملاك العامة عبر التنازل عن حقوقها لمشروع خاصة دون مرسوم رسمي. وقد تم تنفيذ أعمال إنشائية بدون موافقة المديرية العامة للآثار، رغم تواجد آثار في الموقع ووضع العقارات موضوع المشروع على قائمة الجرد العام للابنية الاثرية”.
وأوضحت أن “المشروع يشمل إنشاءات محظورة وفق القوانين البيئية والمخطط التوجيهي للمنطقة، ولم تُجرَ دراسة لتقييم الأثر البيئي، ولم تُعقد جلسات استماع لأهالي المنطقة، ولم يُعرض المشروع على هيئة الشراء العام كما تقتضي الأصول القانونية، ولم تُكشف مستندات المشروع للجهات المختصة، وهي غير مصنفة أسرارا”.
وقالت: “تحركت جمعيات معنية بالحفاظ على التراث والبيئة، وفي طليعتها الجمعية اللبنانية للحفاظ على صور، التي بادرت في 23 أيلول 2024 إلى توجيه كتاب رسمي إلى قائد الجيش اللبناني آنذاك، العماد جوزاف عون، مناشدة إياه التدخّل حيال المشروع القائم. توقفت أعمال البناء مؤقتا بسبب اندلاع الحرب، ثم استُكملت مطلع تشرين الثاني 2024 عقب وقف إطلاق النار”.
اضافت: “في 7 شباط 2025، وجهت الجمعية رسالة ثانية إلى رئيس الجمهورية، العماد جوزاف عون، مؤكدة على مضمون المراسلة السابقة، وطلب بتحديد موعد رسمي لعرض المخاطر، من دون أن تتلقى ردا حتى تاريخه. كما عُقد خلال الشهر نفسه لقاء مع وزير الثقافة الدكتور غسان سلامة، اطلعناه على الأثر السلبي المحتمل للمشروع ومطالبته بالتدخل. وبعد تجاهل المطالب المتكررة، تقدّمت الجمعية في 27 آذار 2025 بشكوى أمام قاضي الأمور المستعجلة في صور القاضية يولا غطيمي، التي أصدرت في 2 نيسان قرارا يقضي بوقف الأعمال فورا، حفاظا على التراث الأثري والبيئي، وطالبت بالوثائق الرسمية وعينت خبيرا لإجراء الكشف الفني على الموقع ودراسة المستندات ذات الصلة”.
وتابعت: “في 7 نيسان، توجه الخبير المكلف إلى موقع المشروع، إلا أنه مُنع من الدخول من قبل العناصر العسكرية المنتشرة في المكان. وجهت الجمعية بتاريخ 22 نيسان 2025 رسالة إلى وزير الدفاع العماد ميشال منسى، مطالبة بالحصول على جميع المستندات الرسمية المرتبطة بالمشروع. في 23 نيسان، تمكن مأمور التنفيذ، بعد جهد، من تبليغ السيد علي جابر بمضمون القرار القضائي، وهو شريك في المشروع ومشرف على الأعمال. وردّ في 25 نيسان وكيله القانوني طاعنا بانعدام صفة الجمعية في تقديم الدعوى، ومطالبا بإخراج موكله من النزاع لكونه لا يملك صلاحية والأعمال هي في عقار عسكري”.
واردفت: “في 2 أيار، قدمت الجمعية ردها القانوني بواسطة وكيلتها البروفيسورة ناتالي نجار، وتبع في 5 أيار صدور قرار جديد عن القاضية يقضي مجددا بوقف الأشغال، مستندة إلى تقرير الخبير ومذكرة وكيل السيد جابر. ورغم كل هذه التحركات واللقاءات والقرار القضائي بوقف الاعمال، الا أن الاشغال لم تتوقف أبداً ولا تزال مستمرة بسرعة من دون اي اكتراث للقوانين المرعية، ومن دون اي تحرك فاعل من قبل وزارة البيئة.لا بل تم توقيف الصحافي مهدي كريم اثناء قيامه بجولة بالقرب من المشروع المزمع انشاؤه للاطلاع على ما يجري”.
وقالت: “تطالب الجمعية اللبنانية لحماية صور بالوقف الفوري للمشروع تطبيقا لأحكام القانون، واعتماد الشفافية الكاملة بشأن العقود والوثائق، ونقل نادي الضباط إلى موقع بديل، واحترام القوانين المتعلقة بالمحمية والآثار وقرارات منظمة الأونيسكو. يبدو أن الجرائم بحق صور لا سقف لها، وكأن هناك من يسعى عمدا إلى تشويه وطمس آثار هذه المنطقة التاريخية الفريدة، متجاهلا تماما قيمتها كإرث عالمي يستحق الحماية”.
أضافت: “في هذا السياق، أقدمت جهات مجهولة الهوية حتى الآن على تفريغ جزء من موقع الجفتلك – رأس العين من رماله الطبيعية، واستخدامه كمكب لردم الأبنية المهدمة جراء العدوان الإسرائيلي الأخير على صور. هذا الردم لا يقتصر على كونه اعتداء بصريا على المشهد الطبيعي، بل يحمل معه مواد سامة تهدد التوازن البيئي، وتؤثر سلبا على الحياة النباتية والحيوانية في المحمية”.
وتابعت: “تتوالى عمليات النهب البيئي أمام أعين الجميع: شاحنات تدخل محملة بالأنقاض وتخرج محملة بالرمل، في عملية بيع منظمة تُقدر فيها “نقلة الرمل” بألف دولار أميركي.
نطالب وزارتي الثقافة والبيئة باتخاذ القرار بوقف هذه الكارثة البيئية التراثية، ومن كافة الجهات الرسمية المعنية، لوضع حدّ لهذه الانتهاكات”.
وسألت: “إلى متى يستمر هذا الاستهتار بالبيئة والتراث وبالقانون وبالقضاء؟ ومتى يعتمد المسؤولون في لبنان مقاربة علمية مدروسة بدلا من العشوائية المُدمرة؟”.
واردفت: “نحن اليوم أمام لحظة مفصلية، فإما أن ننهض معا لحماية ما تبقى من ثروات الوطن، وتراثه هو الثروة الكبرى بلا منازع وإما أن نصمت ونترك الإهمال والتعدي يقضيان على ما لا يمكن تعويضه. إن محمية شاطئ صور الطبيعية ليست قضية محلية فحسب، بل مسؤولية وطنية وحتى دولية”.
وختمت: “نوجه اليوم نداء عاليا إلى فخامة رئيس البلاد العماد جوزاف عون، نطالبه بتطبيق القانون، إيمانا بما وعد به أن لا أحد فوق القانون. ونحن على ثقة تامة بأن الانتهاكات الحاصلة في محمية شاطئ صور لا تمت بصلة إلى نهج فخامته، هي الغريبة عنه. نداؤنا موجه إلى كل مسؤول وصاحب ضمير، الوقت لا يحتمل المزيد من التسويف أو التواطؤ بالصمت”.
وفي نهاية الكلمة اجابت الدكتورة مهى الخليل الشلبي على اسئلة الإعلاميين وبعض الحضور .

















