قبل الحرب كانت ايران تعرض على لبنان بناء انتاج كهرباء , وكانت الدولة اللبنانية ترفض اي مساعدة بحجة ان ايران مفروض عليها عقوبات ولا يريدون ان يدخلوا في اشكالات مع المجتمع الدولي , وعندما كنت أطالب المعنيين بالسعي لفرض الإرداة على الدولة تلبية لمطالب وحاجات الناس كنت اواجه بمقولة ان شركاءنا في الوطن يرفضون , ولكني كنت اصر انه في حال كان اخوتنا في الوطن لا يريدون كهرباء من المصانع الإيرانية فنحن نريدها وليسعوا هم للحصول على معامل انتاج من اميركا او فرنسا او دول الخليج !
ولكن على ما يبدو ان هناك عدوم وضوح وقلة شفافية ونوع من المواربة .
في فترة من الفترات كانت التغذية بالتيار الكهربائي قد بدأت تتحسن وان عمل اصحاب المولدات بدأ يتراجع , ولكن فجأة تحسن وضع عملهم وبدأ التيار الكهربائي لشركة كهرباء لبنان يتراجع , ويقال ان اصحاب المولدات اتفقوا مع شركة الدولة ليحولوا التيار الى اماكن اخرى حتى يتحسن وضع حلبهم للبقرة !..
كنت اتصفح تطبيق الفايسبوك فلفت نظري اعلان احدى لجان بلدية صور ان التسعيرة المقطوعة عن الإشتراك بالمولد الكهربائي هي 180 $ , وانا ادرك ومتأكد ان اللجنة اعدت دراسة مفصلة لتكاليف الإنتاج والإستهلاك وعدد ساعات قطع التيار لشركة كهرباء لبنان وعدد ساعات التغذية من المولدات , ونتيجة دراسة الأرقام كانت النتيجة 180 $ ! ..
يقينا انا لا اشكك بهذه الأرقام ولا بصحتها ولكن اشكك بعدالتها ! …
من المؤلم ان رئيس اللجنة هو صديقي الذي اثق به ثقة مطلقة ، وبالعربي الواضح في خبز وملح بيناتنا , ولا ارغب ابدا ان يكون هناك اختلاف او تحفظ او ما شابه بيننا ابدا . ولكن القدر هو تصدى للعمل في الشأن العام واصبح عضوا في مجلس بلدية صور , وانا مهتم بمعالجة قضايا الناس ورفع صوتها وبالتالي الخلاف في الرأي ل يفسد في الود قضية …
كما ذكرت لا أشكك بمهنية رئيس اللجنة ابدا ولا بدقة ارقامه ولا بجهوده التي بذلها ويبذلها من اجل مصلحة الناس .
لفت نظري التسعيرات لإشتراكات الكهرباء المقطوعة والتي تفاوتت ما بين ال ١٨٠ $ وال ١٦٠ $ لشهر تموز .
قبل يومين او ثلاثة التقيت بأحد الأشخاص من حارة صور وسألني عن بطارية سيارة ، سألته عن سبب حاجته لها وهو لايملك سيارة بل دراجة نارية , فقال : يريد ان يضيئ (لمبة ) لأنه غير قادر على دفع فاتورة الإشتراك .
للحقيقة انا اعرف بيت هذا الشخص فهو مكون من غرفتين ومطبخ وحمام ولديه براد وغسالة ومروحة كهربائية واحدة ، وبدون تشغيلها يصبح الحر في منزله لا يطاق . امام هذه الأرقام تذكرته وتذكرت حاله وهو بالطبع يشبه احوال الكثيرين من ابناء الحارات القديمة في مدينة صور , فجلهم دون وظائف ودون مهن ودون عمل .وهذا الأمر لا يخفى على احد من القيمين على المدينة . وكان لا بد ان ارفع الصوت نيابة عن كل فقير وكل متعفف لا لأسجل النقاط بل لمحاولة معالجة مشكلة . فأنا كما ذكرت اعرف الكثير من اعضاء المجلس البلدي وجلهم لم يولدوا وفي افواههم ملاعق من ذهب ، لا بل ولدوا مع الحرمان . وكما ذكرت لا أشكك بمصداقية الأرقام ولكن اشكك بإنسانية هذه الأرقام وأشكك بعدالتها .
وزارة الطاقة والمياه دعت منذ مدة بعيدة لتركيب عدادات للمشتركين على قاعدة ( قديش بتصرف قديش بتدفع ) . فإبن الحارات القديمة الذي لديه غسالة ومروحة وبراد لن يستهلك بمقدار صاحب العيادة وصاحب المتجر وصاحب المؤسسة الذي يستعمل المكيف والبراد والمايكروايف وسائر المعدات الكهربائية التي تؤمن له الرفاهية ، فليس منطقيا ان يتساويا بالتكلفة . فعندما نحدد مقطوعية للإشتراك فهذا يعني ان الفقير صاحب الدخل المحدود يساهم في تغطية نفقات اصحاب الدخل المرتفع . فعلى سبيل المثال الفقير الذي لن تتجاوز فاتورته ال ٦٠ او ٧٠ $ شهريا يتحمل تكلفة عن الغني وصاحب فرصة العمل الذي يجب ان لا تقل فاتورته عن ٣٠٠ او ٤٠٠ دولار شهريا …
لقد خدع الفقراء في صور حين اوهموا و ادخل الى رؤوسهم ان المقطوعية افضل لهم وانهم يستهلكون الكهرباء بكميات كبيرة لا قدرة لهم على تحمل اعبائها في حال كانت الفاتورة وفقا للعداد ..
وهنا اناشد البلدية واللجنة باسم كل معذب وفقير ومحتاج الزام الجميع بتركيب العدادات صونا للعدالة في تحمل النفقات وصونا حتى لحقوق اصحاب المولدات .
وحتى اعود للعنوان المستفز للكثيرين وخاصة قيادات وزعامات الثنائي سأقولها بدون تحفظ , وهذا ما سمعته من رجال ذوو شأن في العراق الشقيق على وسائل الإعلام ان ما يدعمون به الدولة اللبنانية ليس من اجل الدولة ولكن من اجل شيعة الجنوب !
ولكن للأسف التيار الناتج عن نفط العراق لا ينتفع منه الشيعة والجنوبيين الا نادرا , بينما تنعم مناطق تعادي العراق وتعادي الجنوب بالكهرباء على مدار الساعة …
لماذا سنبقى كجنوبيين نتنازل عن حقوقنا المواطنية لصالح اشقائنا في الوطن وخاصة الذين يقولون : لا بنشبهن ولا بيشبهونا ؟
لماذا لا تسعى الدولة للحصول على الفيول من السعودية لتوليد الطاقة للموالين للسعودية ؟
لماذا سنبقى متهمين ان منطاقنا اقل جباية ؟
لماذا ستكون فاتورة اشتراك المولد الكهربائي في منطقة سن الفيل ذات الطابع القواتي ( القوات اللبنانية ) 30 $ في الشهر بينما في صور ( حركة امل وحزب الله 180 $ ) يا قيادات سياسية وحزبية , يا من تبكون على الحسين في هذه الأيام , كونوا اوفياء لهذا الشعب … هذا الشعب المضحي الصابر المحتسب ان لم تطالبوا بحقوقه فأنتم حقا لا تستأهلون قيادته .
حتما البلدية في صور لا تتحمل المسؤولية ولكن الأحزاب السياسية هي من تتحمل المسؤولية .
نرفق مجموعة فواتير توضح مقدار التغذية بالمولدات الكهربائية وهي تدل على مدى توفر التيار الكهربائي لشركة كهرباء لبنان .
موقع قلم حر
