مقالات

دراسة تاريخية شيقة : الوجود الفلسطيني , والإحتلال الإسرائيلي , واتفاق 17 ايار وانتفاضة 6 شباط في لبنان

نتيجة الدسائس الإسرائيلية التي تهدف الى زرع الشقاق والخلافات بين المنظمات الفلسطينية نفسها وبين المنظمات الفلسطينية والدول العربية في شهر ايلول من عام 1970 وبناء لأمر الملك حسين  تقرر وضع حد نهائي لوجود منظمة التحرير الفلسطينية في الأردن , اذ انه ما بين العام 1968 و1969 حصل اكثر من 500 اشتباك عنيف بين الفصائل الفلسطينية وقوات الأمن الأردنية واصبحت اعمال الخطف والقتل تتكرر بصورة مستمرة , وعلى اثر المعارك خرجت منظمة التحرير الى احراش جرش وعجلون ولكن قوات الجيش الأردني اجتاحت تلك المناطق وقامت بطرد المنظمة الى لبنان وقد عرفت الحرب بين القوات الأردنية والمنظمات الفلسطينية باسم ايلول الأسود .

ايلول الأسود واسبابه  : 

بعد ان فقد الأردن السيطرة على الضفة الغربية واستولت عليها اسرائيل نقل المقاتلون الفلسطينيون قواعدهم إلى الأردن وصعَّدوا هجماتهم على اسرائيل التي ردت انتقاميا على معسكر لمنظمة التحرير في بلدة الكرامة الأردنية ونشبت معركة  على طول الحدود مع الضفة الغربية عام 1968 و أدى الانتصار الفلسطيني الأردني المشترك في في هذه المعركة إلى زيادة الدعم العربي للمقاتلين الفلسطينيين في الأردن.

نمت قوة منظمة التحرير في الأردن، وبحلول عام 1970، بدأت علنا المطالبة بالإطاحة بالملكية الهاشمية وتحولت منظمة التحرير الى دولة داخل الدولة وحاولوا اغتيال الملك حسين مرتين  حسبما تذكر الروايات التاريخية الأردنية  مما أدى إلى مواجهات عنيفة بين المنظمة وبين الجيش الأردني وقامت القوى الأمنية الأردنية بحصار  المدن التي تتواجد بها منظمة التحرير وبدأ قصف مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بالمدفعية الثقيلة ومدفعية الدبابات.

قاد الضغط المتصاعد الذي قامت به البلدان العربية الملك حسين إلى وقف القتال. في 13 أكتوبر وقع اتفاق مع ياسر عرفات لتنظيم وجود الفدائيين. ثم عاد الجيش الأردني وهاجم مرة أخرى في يناير/ 1971. تم طرد الفدائيين من المدن الواحدة تلو الأخرى، حتى استسلم 2,000 من الفدائيين بعد محاصرتهم في غابة قرب عجلون ثم بعد ذلك سمح الأردن للفدائيين بالتوجه الى لبنان عبر سوريا .

الوجود الفلسطيني في لبنان :

بعد انتصار معركة الكرامة بدأ المسؤول الفلسطيني ابو علي اياد بتأسيس قواعد للفدائيين الفلسطينيين في الأردن والجولان السوري وعمل على تنظيم الشباب داخل المخميات الفلسطينية في لبنان , في تلك الفترة اصدر قرارا لحركة فتح ببناء مكتب على قطعة ارض  في مخيم نهر البارد  فعلمت الدولة اللبنانية بذلك فتم تحريك قوة عسكرية مؤللة وطلبوا بايقاف البناء عندها شاع الخبر بين اهالى المخيم فتجمعوا  باعداد كبيرة على الشارع العام وقطعوا الطريق الدولى الذي يمر في المخيم وأخذوا بالهتاف ضد الشعبة الثانية (عسكر على مين يا عسكر عفدائيين يا عسكر)  وتم الإعتداء على  دورية الجيش فقام على الأثر بالإنسحاب الى بلدة العبدة   لكن الأهالي اندفعوا من خلال مظاهرة ضخمة إلى المخفر في المخيم ودمروه كما قاموا بتدمير مركز المكتب الثاني .

في تلك الفترة أخذ أبو علي اياد القرار بالقيام بعملية عسكرية واسعة شملت الحدود والجمارك والمخافر في شمال لبنان ولم تكن هذه الخطوة الفلسطينية بعيدة عن  الزعيم كمال جنبلاط زعيم الحركة الوطنية اللبنانية. وتمت السيطرة على ستة وسبعين مخفرا ومراكز الأمن العام والشعبة الثانية كما دخلت مجموعة فدائية عبر البحر إلى مخيم نهر البارد واستولوا كذلك على قلعة طرابلس .

اتفاق القاهرة : 

بعد هذه الاحداث تدخل الرئيس جمال عبد الناصر بين الدولة اللبنانية ومنظمة التحرير الفلسطينية من خلال مفاوضات في القاهرة تمثلت بالرئيس ياسر عرفات وقائد الجيش العماد اميل البستاني وخرجت بنتائج كان من اهمها تنظيم العلاقة اللبنانية – الفلسطينية والسماح للمقاومة الفلسطينية باقامة قواعد عسكرية في الجنوب اللبناني وخاصة في منطقة العرقوب والقطاع الأوسط والشرقي وممارسة العمل السياسى داخل المخيمات وعدم رجوع المخافر إلى داخل المخيمات والمكتب الثاني اللبناني : 

من بنود هذه الاتفاقية مايلي :

  • تشكيل لجان للفلسطينيين وإنشاء نقاط للكفاح المسلح داخل المخيمات الفلسطينية ووجود ممثلين في الأركان اللبنانية.
  • تسهيل المرور والطبابة والإخلاء والتموين للفدائيين.
  • تأمين الطريق إلى العرقوب والسماح للفلسطينيين المقيمين في لبنان بالمشاركة في الثورة الفلسطينية.

اتفاق القاهرة 1969 أعطى الشرعية لوجود وعمل المقاومة الفلسطينية في لبنان. حيث تم الاعتراف بالوجود السياسي والعسكري لمنظمة التحرير الفلسطينية من قبل لبنان، وتم التأكيد على حرية العمل الفدائي انطلاقاً من أراضي لبنان. حمى هذا الاتفاق الفلسطينيين، من المحاولات المتعددة لنزع سلاحهم. اعتبر البعض هذا الاتفاق متعارضا مع مبادئ سيادة الدولة اللبنانية ويتضمن بنوداً تتعارض وأحكام القوانين اللبنانية ولم يكن لهذه الاتفاقية دور ملموس على الساحة العملية لتحسين العلاقات بين القيادتين اللبنانية – الفلسطينية ومن جانب أخر اعتبرت إسرائيل اتفاق القاهرة خرقا للهدنة المعقودة بينها وبين لبنان سنة 1949. حظي اتفاق القاهرة عند إعلانه بتأييد أكثرية القيادات السياسية ولكنه وبعد غزو لبنان 1982 باتت أكثرية القيادات مؤيدة لإلغائه أو اعتباره باطلاً وتم الإلغاء بعد ان وقع عليه الرئيس الأسبق امين الجميل ولاحقا من قبل رئيس الحكومة الأسبق الدكتور سليم الحص . لكن القيادات الفلسطينية، وعلى رأسها ياسر عرفات، بقيت تعلن تمسكها بهذا الاتفاق.

تدخل الثورة الفلسطينية في الحرب الأهلية اللبنانية واجتياح اسرائيل للبنان 

انخرطت المنظمات الفلسطينية في الحرب الأهلية اللبنانية المعقدة وسيطرت على اجزاء كبيرة من لبنان وتحديدا الجنوب اللبناني الذي بات يعرف باسم ارض حركة فتح او ارض ياسر عرفات ( فتح لاند ) , الى عام 1982 حيث قامت اسرائيل بغزو لبنان في عملية اطلقت عليها عملية سلامة الجليل متذرعة بمحالة اغتيال سفيرها في بريطانيا   شلومو أرجوف على يد منظمة أبو نضال وتحولت الأراضي اللبنانية الى ساحة قتال بين اسرائيل وبين المنظمات الفلسطينية التي سرعان ما انهارت امام الجيش الإسرائيلي والذي تمكن من حصارها في بيروت مع احتفظها بجيوب للمقاومة في مناطق مختلفة كقلعة شقيف ارنون على سبيل المثال , الى ان انتهت الحرب بخروج المنظمات الفلسطينية الى تونس عبر البحر مع قائدها ياسر عرفات وذلك بعد مفاوضات قادها المبعوث الأمريكي اللبناني الأصل فيليب حبيب  وتحت حماية قوات حفظ السلام الدولية .

قاد عملية اجتياح لبنان في عهد حكومة  مناحيم بيغن الإسرائيلية وزير الدفاع اريال شارون ويومها اعلن ان سبب الإجتياح هو ابعاد منظمة التحرير الفلسطينية مسافة 40 كلم عن حدود فلسطين المحتلة ( اسرائيل )  لكن هذه الأهداف تعدلت الأهداف لاحقا، حيث أعلن الناطق الرسمي للحكومة الإسرائيلية آفى بارنز إن أهداف إسرائيل هي:

بعد انتهاء فترة حكم الرئيس الياس سركيس وتحت الإحتلال الإسرائيلي تم تنظيم انخابات في البرلمان وانتخب بشير الجميل وبدعم اسرائيلي رئيسا للجمهورية بإجماع 57 صوتا وامتناع 5 نواب عن التصويت الى ان تمكن الحزب السوري القومي الإجتماعي من اغتياله على يد حبيب الشرتوني وذلك قبل حصوله على كرسي الحكم عند ذلك انتخب البرلمان شقيقه امين الجميل رئيسا للجمهورية 

اتفاق 17 أيار

مع اقتراب نهاية شهر كانون الأول عام 1982 دخل لبنان في محادثات مع اسرائيل بوساطة امريكية لغرض التوصل إلى نوع من التطبيع في العلاقات وإيجاد آلية لانسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان مع ضمانات بعدم تعرض الحدود الشمالية لإسرائيل لهجمات من قبل منظمة التحرير الفلسطينية وبعد مفاوضات ومحادثات إتسمت بالصعوبة واستغرقت 6 أشهر توصل الطرفان إلى ما سمي باتفاق 17 أيار أو «اتفاق جلاء القوات الإسرائيلية» حيث وافق الطرفان بإنهاء حالة الحرب التي كانت قائمة بين الدولتين منذ قيام دولة إسرائيل في عام 1948 .

بنود اتفاق 17 ايار 

  • إلغاء حالة الحرب بين لبنان وإسرائيل.
  • الانسحاب الإسرائيلي الكامل من لبنان في فترة 12-8 أسبوع.
  • إنشاء منطقة أمنية داخل الأراضي اللبنانية تتعهد الحكومة اللبنانية بأن تنفذ ضمنها الترتيبات الأمنية المتفق عليها في ملحق خاص بالاتفاق.
  • تكوين لجنة أمريكية – إسرائيلية – لبنانية تقوم بالإشراف على تنفيذ بنود الإتفاقية وتنبثق من تلك اللجنة لجنة الترتيبات الأمنية ولجان فرعية لتنظيم العلاقات بين البلدين.
  • تكوين مكاتب الإتصال بين البلدين والتفاوض لعقد اتفاقيات تجارية.
  • امتناع أي من إسرائيل ولبنان عن أي شكل من أشكال الدعاية المعادية للبلد الأخرى.
  • إلغاء جميع المعاهدات والبنود والأنظمة التي تمنع تنفيذ أي بند من بنود الإتفاقية.

 وافق البرلمان اللبناني على هذه الوثيقة بالأكثرية المسيحية حيث عارضه نائبان فقط من الطائفة المسيحية مع غياب كامل للشيعة والسنة وفي إسرائيل وقعت الكنيست على الاتفاق. بقيت هذه الاتفاقية مجرد حبر على الورق حيث لم ينسحب الجيش الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية واعتبر الرئيس السوري حافظ الأسد بقاء إسرائيل في الجنوب اللبناني منافيا لمبادئ سيادة لبنان وخطرا على أمن سوريا.

من هم النواب الذين صوتوا على اتفاق 17 ايار ؟ 

أشرف على التصويت رئيس المجلس كامل الأسعد (الذي لم يصوت بدعوى حيادة رئاسة المجلس) وجاء التصويت كالآتي:

– 65 «مع»: كميل شمعون، بيار الجميّل، رفيق شاهين، محمود عمّار، حميد دكروب، سمعان الدويهي، عبد اللطيف بيضون، علي العبدالله، عبده عويدات، أدمون رزق، فؤاد لحود، عبد اللطيف الزين، رينيه معوّض، إميل روحانا صقر، ميشال ساسين، خاتشيك بابكيان، ملكون أبليغاتيان، سورين خان أميريان، آرا يروانيان، إنترانيك مانوكيان، بيار حلو، شفيق بدر، مجيد أرسلان، محمد يوسف بيضون، علي الخليل، نزيه البزري، بشير الأعور، زكي مزبودي، سليمان العلي، جميل كبّي، صائب سلام، عادل عسيران، نديم سالم، مخايل الضاهر، عثمان الدنا، ألبير مخيبر، بيار دكاش، فؤاد غصن، راشد الخوري، أدوار حنين، ميشال معلولي، فؤاد الطحيني، حسين منصور، جوزف سكاف، صبحي ياغي، سليم المعلوف، نديم نعيم، سالم عبد النور، فؤاد نفاع، أوغست باخوس، بطرس حرب، جبران طوق، أنور الصباح، منيف الخطيب، حبيب كيروز، موريس فاضل، يوسف حمود، الياس الهراوي، الياس الخازن، لويس أبو شرف، جورج سعادة، نصري المعلوف، كاظم الخليل، طارق حبشي وطلال المرعبي.

– 2 «ضدّ» (زاهر الخطيب ونجاح واكيم).

– 3 «ممتنع» (حسين الحسيني، رشيد الصلح وألبير منصور).

– 1 «متحفّظ» (عبد المجيد الرافعي).

فيما قاطع 19 نائباً الجلسة (رشيد كرامي، باخوس حكيم، صالح الخير، عبد الله الراسي، هاشم الحسيني، حسن الرفاعي، حسن الميس، سليم الداوود، عبد المولى أمهز، ناظم القادري، توفيق عساف، أمين الحافظ، ريمون إده، أحمد إسبر، فريد جبران، منير أبو فاضل، موريس زوين، رائف سمارة وفريد سرحال).[2]

الرفض الشعبي

لاقى اللبنانيون ذلك الاتفاق بالرفض الشديد معتبرين أن اتفاق 17 مايو هو اتفاق العار. وزادت العمليات العسكرية من قبل منظمات المسلحة داخل لبنان حتى كادت أن تطول إحدى جولات التفاوض. وانطلقت أشد الحملات ضد هذا الإتفاق من مسجد الرضا في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وذلك بناء على القرار الصادر من نبيه برّي رئيس حركة امل إلى الجيش، بأن على الجيش اللبناني أن يتمرد على أوامر قيادته العسكرية ويجعلوا من هذا التمرد انتفاضة في وجه الحكم الكتائبي والفئوي وسقطت كل الأوراق وسقط معها اتفاق معاهدة 17 من مايو والذي وصفته حركة أمل بأنه اتفاق الذّل والعار، وكادت هذه الاتفاقية أن تتحول إلى ما يسمى المحمية الصهيونية بامتياز، فكان لحركة أمل دور في إنهاء اتفاقية 17 أيار والتي تعتبر عاراً عن جبين اللبنانيين.

صرّح نبيه بري ومن أمام قصر بعبدا الرئاسي بعد التوقيع على الاتفاق من قبل الجانبين اللبناني والإسرائيلي بأن هذا الاتفاق ولد ميتاً، وبعدها توالت الأحدات، وزار جورج شولتز وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية وريتشارد مورفي المساعد للشرق الأدنى سوريا حيث قابلا الرئيس السوري حافظ الأسد وشرحا له فيها عن الاتفاق بين لبنان وإسرائيل، وبعد أربع ساعات من الشرح من قبل الموفد الأميركي، أدلى الرئيس حافظ الأسد بالعبارة التالية: إن هذا الاتفاق لن يمر. وبعدها بأيام أنهي الاتفاق على أيدي مقاتلي حركة أمل، وبإنهاء هذا الاتفاق أُعيد للبنان مكانتها العربية.

وقد كان لتوقيع الاتفاقية تداعيات على مستوى الداخل اللبناني أبرزها نشوب الاقتتال الداخلي وانقسام المشهد السياسي بين الحكومة والرئيس أمين الجميل المتمسكين بالاتفاق من جهة وجبهة الإنقاذ الوطني ومن ورائها سوريا الرافضين له من جهة ثانية. فمنذ ذلك التاريخ، بدأت المتاعب الفعلية في لبنان. ففي 19 أيار/مايو اندلعت حرب الجبل التي انتهت في 19 أيلول/سبتمبر 1983 بسيطرة الحزب التقدمي الاشتراكي على كل القرى الجبلية، تلتها انتفاضة 6 شباط/فبراير 1984 في بيروت وسيطرة القوى الرافضة لاتفاق 17 أيار على القسم الغربي من العاصمة.

انتفاضة 6 شباط 

نتيجة تمسك الرئيس أمين الجميل رئيس الجمهورية اللبنانية المنتخب بعد مقتل شقيقة رئيس الجمهورية بشير الجميل في العام 1982 باتفاق 17 أيار، وهو اتفاق لم بيصر النور بين حكومة أمين الجميل وحكومة العدو الإسرائيلي مناحيم بيغين، تأزم الوضع الداخلي اللبناني. كان نبيه بري قد أصبح زعيماً للشيعة من خلال هذه الانتفاضة ودعم من قبل سورية لإلغاء اتفاقية 17 أيار وقد أعلن الرئيس حافظ الأسد بأن اتفاق 17 أيار لن يمر، وسماه “اتفاق الإذعان”

بدا أن الاصطدام مع الحكم أمر لا مفر منه وفي ضوء ذلك ونتيجة الاتصالات واللقاءات تحالف رئيس حركة أمل نبيه بري مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والرئيسين سليمان فرنجية و رشيد كرامي وقوى حزبية أخرى وصعدوا معارضتهم ضد اتفاق 17 أيار. وفيما كانت حرب الجبل بين القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي في أوجها كانت الاحتكاكات تشتد يوماً بعد يوم بين عناصر حركة أمل والجيش الفئوي كما كانت تطلق عليه قوى الاحزاب الوطنية في أحياء الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت . وهكذا بدأت تتسع رقعة المعارضة ضد حكم الجميل.

قرر أمين الجميل سحق كل من يقف في وجه معاهدة 17 أيار,  فأقدمت وحدات من الجيش على تطويق جامع بئر العبد في الضاحـية الجنوبية بـعد أن حـاول المصلين الاعتصام احتجاجا على الاتفاق الموقع مع الإسرائيليين فـحصل صدام بين الجيش والمعتصمين أدى إلى استشهاد الشاب محمد نجده فتوتر الوضـع كثيرا على الأرض ولاقت الحادثة استنكارا واسع جدا.

سيطرت حال من الغليان على الشارع وبدأت الاحتكاكات تتصاعد يوما بعد يـوم بين الأهالي والجيش فبعد أيام من المـواجهة التي حصلت بين الـجيش وأهالي طريق المطار بعد محاولة جرف مساكنهم غـير الشرعية وقعت المواجـهة الثانية الأخطر في منطقة وادي أبو جميل بيـن عـدد من المتظاهرين ومعظمهم مـن مهجري المنطقة وبين قوة من الجيش اللبناني سقط بنتيجتها عدد من القتلى والجرحى وهكذا بدا إن الأمور تتجه نحو الاسوأ بعد أن حمل نبيه بري مسؤولية تلك الأحداث لحكم الرئيس أمين الجميل وبدا إعداد العدة للانتفاضة على الحكم.

في هذا الوقت انفجرت الضاحية غـضباً وثارت بوجه الجيش، وتمكنت عناصر حركة أمل من السيطرة على عدد من مواقع الجيش وآلياته وأسلحته بعد سلسلة من المواجهات العنيفة؛ وخلال أقل من ثلاثة أيام كانت الضاحية تحت السيطرة بالكامل ما أثار حفيظة الرئيس أمين الجميل وجيشه فوجهت فوهات المدافع باتجاه الضاحية وقصفت أحيائها بشكل جنوني. مع اتساع دائرة التأييد الشعبي شعر أمين الجميل بخطر حقيقي بعد فقدانه السيطرة على الضاحية ومناطق الجبل فدعم وحدات الجيش اللبناني في المناطق الغربية من بيروت وفرض حظر التجول ليلاً وكثف الجيش عمليات المداهمة وملاحقة الأشخاص المشتبه بعلاقتهم بالأحزاب، وكان لذلك مفاعيله السلبية عند الناس.

دخل عـناصر تابعة لميليشيا الكتائب والقوات اللبنانية وحزب الوطنيين الأحرار حيـث قامت باعتـقال العشرات من العناصر التابعـة للأحـزاب الوطنية ومارست شتى أنـواع الاستفزازات داخل الأحياء السكنية وحول المركز الحزبية في الشطر الغربي لبيروت كما تعرض منزل رئيس الحركة في بربور للتطويق والدهم من قبل عناصر الجيش.

أخضعت المنطقة الغربية لتدابير عسكرية صارمة ومشددة ولم تفلح كل الدعوات التي وجهت للرئيس أمين الجميل في التخفيف من الإجراءات التي تصاعدت بشكل لا يطاق ولم يعد من خيار سوى المواجهة مهما كلف الأمر.

اندفع شباب الأحزاب إلى الشارع بعضهم يحمل قطعة سلاح وبعضهم الأخر يبحث عن قطعة أخرى لحملها لعدم توفر الـسلاح والذخيرة آنذاك فلجأت إلى تهريب الأسلحة ونقلها إلى بيـروت لمد المقاتلين الذين نجحوا شيئا فشيئا في السيطرة على الجيش اللبناني التـي رفضـت الاستسلام كما جرى السيطرة على مبنيي وزارة الإعـلام في الصـنائع حيث الإذاعة الرسمية وتلفزيون لبنان في تلة الخياط واذيع بيان الانتفاضة الشهير الذي شكل منعطفا وحدثا كبيرا في تاريخ لبنان.

أعطى نداء الانتفاضة مفعوله سريعا على الأرض فلبت الوحدات العسـكرية التـابعة للواء السادس في الجيش اللبناني النداء والتزمت به وعملت على سحب الجنـود إلى الثكنات وعدم الانجرار في القـتال الداخـلي ورفض الأوامر الصادرة عن القـيادة العسكرية في وزارة الدفاع في اليرزة وهكذا اكمل مقاتلوا الحـركة سـيطرتهم على الأرض وكانت انتفاضة السادس من شباط عـام 1984 التـي هـزت لـبنان كـله.

حققت الانتفاضة أوسع تأييد شعبي فـي الصراع المفتوح ضد الاحتلال الإسرائيلي والسلطة اللبنانية المتمـثلة بالرئيـس أمين الجميل.

المصادر : ويكبيديا 

مواقع تواصل 

التقرير اعداد موقع قلم حر 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى