مقالات

مقال رائع : المحامية رغدة القرا تجري مقارنة ما بين الحياة في لبنان و في ايران .

خلال زياراتي السابقة للجمهورية الإسلامية الإيرانية كنت اتحدث متحسرا عن التقدم الذي حققه الإيرانيون رغم الحصار المفروض عليهم منذ اكثر من 40 عاما والحصار الذي فرض علينا منذ حوالي 4 اعوام وتأخرنا عن الركب الحضاري 40 عاما وأكثر وفي هذا الصدد كتبت المحامية رغدة القرا :
منذ خمسة عشر يوما الى اليوم متواجدة في الجمهورية الاي را نية، وانا من الجمهورية اللبنانية منذ اكثر من نصف قرن ..
زرت في هذا البلد عاصمته ومقدساته وبعضا ضئيلا من اماكنه السياحية …
هذا البلد فيه دولة ونظام ، فيه بلديات ونظافة، فيه تناقضات وانتفا. ضات ، فيه علم وطبابة ومواصلات ونفط أنفاق ومترو وسيارات ع الغاز حدائق عامة للفقير والغني مجاني وشبه مجاني، فيه التزام بالدين مع عادات ومعتقدات لاتمت الى الاسلام بصلة، وفيه صالات الديسكو والغناء حتى ان العزف على بيانو جزء من ثقافة صالات الاوتيلات، فيه اللغة الفارسية والبضائع الامريكية، فيه نجمة اسرا. ئيل مطرزة على جوارب الاطفال في المحال التجارية وفي قلب العاصمة…
وفيه وفيه وفيه …
كل ماوجدته هنا حلال مصفى الا انه محرم علينا في لبنان…
هنا لايوجد تطبيق للشريعة الاسلا مية انما تطبيق انظمة وقوانين وضعت على مقاسهم المناسب.
هنا يوجد تع صب لقوميتهم، هنا يوجد مغول بطابع متأسلم، هنا اكثر ماأعجبني هو ثقافة اعتياد المحافظة على الاملاك العامة ومنها نظافة شوارعهم ومنتزهاتهم واماكن لعب اطفالهم ومحطات المترو والباصات والقطارات حتى انها متفوقة على تركيا بذلك …
هنا حاويات النفايات مخصصة للنفايات وليس للسرقة او اللهو بها …اعمدة الكهرباء لازالت اسلاكها النحاسية تلمع في الشمس، لايوجد عندهم نازح سوري ولا غيره اصلا لاتهمهم اي قضية منهما …
هنا اجتماعات ومؤتمرات تجارية وثقافية على اوجّها …
هنا ينامون ملأ عيونهم في الليل لايخشون صوت الطائرات لانها مخصصة فقط للتجارة ونقل الركاب ، ولا يرتعبون من صوت المطرقة على جدران الجار لان فضاءاتهم ليس فيها توتر، فلايوجد صوا ريخ الموت تنفجر في اجواء بلادهم وفوق رؤوس اطفالهم …
هنا احببت عند الصباح اشراقة الشمس على وقع اقدام الطلاب والطالبات الجامعيين الحماسية، شوارعهم نظيفة لأن بلدياتهم شغالة. لاطرقات للموت الا ماندر قياسا عما لدينا…
هنا احببت طبقات المجتمع العامرة بالحياة، شاهدت المسنين في الحدائق يتنزهون، ومسافرين للاستجمام اصدقاء وصديقات وازواج. في بلادي طبقة المسنين في انقراض، ومن ما زال منهم على قيد الحياة يستسلم للموت عند اول كحّة تزور صدره المخنوق حتى لايكون عالا او عبأ على احد …
هنا عمال محليون فقط، لاعمالة للاجانب الا في حدود ضيقة جدا ، هنا القانون لايسمح للغريب ايا كانت جنسيته ان يتملك اي شبر من اراضيهم الشاسعة فهي عزيزة عليهم عكس بلدي الصغير يمنع التوطين ولان قلبه كبير يسمح للفل سطيني صاحب جنسية اخرى ان يتملك كذلك للسوري وباقي الجنسيات …
هنا يوجد قانون انتخابات ذي مفعول ساري لا مكان شاغل من رئيس ولا مجلس نيابي متسمّر ولا رئيس حكومة ينتظر التوافق … هنا باختصار نظام دكتا توري بامتياز مع تلميعه بطابع التزام عقائدي لكنها بناءة الى حد كبير…
هنا لاشيء ،مما يشاع عنهم في بلادي، صحيح …
أما عن بلادي لم يتبقَّ ايُّ خبر صحيح سوى اصدار جواز سفر سريع الى الموت.
باختصار هنا فساد لكن مقومات الكرامة موجودة مع الانتماء للوطن، اما نحن اللبنانيين تفوقنا عليهم بأن لدينا فساد وذل بلا تبصّر وبلاكرامة مع اللا انتماء لوطن اسمه لبنان …
طهران ١٩ /٢/ ٢٠٢٤

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى