مقالات

الحاج محمد حرق.وص يستذكر ليلة استش.هد نصف الجنوب

     قبل يومين من استش-هاده كنا والشهيد محمد سعد مشغولين بوضع خطة لأسر جنود اسرائيلين لمبادلتهم بالمعتقلين في السجون الاسرائيلية “أحبته ” كما كان الش-هيد يسميهم .. ،الا انه تم تأخير ساعة الصفر لأن الاوضاع حسب رأيه  غير مستقرة في بلدة معركة ,  وان هناك كلاما كثيرا يبثه العملاء وبحاجة لوجوده فيها لمعالجة بعض الامور .واضطر الش-هيد للانتقال اليها فوراً .
      فجر اليوم التالي اقتحمت اعداد كبيرة من جنود ودبابات العدو الاسرائيلي بلدة معركة ،وظهراً وردني اتصال منه ، وبعد الاطمئنان عليه وعلى الش-هيد خليل جرادي والاخوة معهما ، طلب من الصحفيين المتواجدين معي تسجيل بيان صحفي له قام ببثه عبر جهاز اللاسلكي ، “ليعرف العدو انه لا يستطيع كسر اردتنا ولتحطيم هيبته وهز صورته ومعنوياته، ونقل افعاله البربرية الى العالم من اعتقالات وتعديات وتحطيم اثاث ومؤونة المنازل واتلاف المزروعات والمحاصيل” … وقال ايضا :”حسب ما رأيته من ممارساته وهمجيته ان العدو ضاق ذرعا من قرى المقا-ومة في منطقة صور وتصرفه بهستيريا وفقدان اعصابه خير دليل على ان التحرير بات قاب قوسين او ادنى ، وان العدو يتنصت علينا الآن فليسمع اننا داخل بلدة معركة وبوجود كل هذه القوات نتحداه ونطلق صوتنا عالياً اننا مستمرون بالمقا-ومة.
مساء ذلك اليوم خرج جيش الاحتلال من بلدة معركة بعد ان قضى فيها وقتاً طويلاً الأمر الذي أثار شكوك الش-هيد حول ذلك بحسب اتصاله الثاني بي، وطلب من الاخوة والاخوات تفتيش البلدة والاماكن التى يتردد اليها المقا-ومين عادةً .
وطلب مني بالشيفرة تجهيز نقاط المراقبة غداً فجراً للانتقال الى بلدة طورا من اجل استكمال خطة الأسر.
صباحاً اتصلت به واخبرته بأن الاخوات والاخوة انتشروا بنقاط المراقبة بين طورا ومعركة ومعهم اجهزة الاتصال “والشيفرة” اجأب سوف اتأخر قليلا لمعالجة وضع الاهالي وهم بحاجة للمساعدة الفورية ، حيث ان الخسائر كبيرة جراء الاقتحام البارحه ، سأنهي الامر بالسرعة اللازمة وانطلق فليبقوا بأماكنهم، بعد قليل اتصل بي و قال قادم اليك مسؤول الخدمات الانسانيه في “اليونيفيل ” ,  اطلب منه حاجات القرى من حليب للأطفال وخلافه لان القرى محاصرة منذ اشهر ، فعلاً بعد وقت وصل واجتمعنا به امام منزل مطل على ساحة حسينية طورا ومقابل بلدة معركة ، واعاد الش-هيد محمد سعد الاتصال وسألني عنهم فأجبته اننا ما زلنا مجتمعين، قال ستصل مجموعة صحفيه اجانب يريدون تصوير (عملية حية )للمق-اومة ،جهز شباب من المق-اومة لتنفيذها وانتبه على سلامتهم وسلامة الصحفيين والاهالي ..فعلا وصلوا وارسلتهم مع مجموعة وتم التصوير ،وعادوا يخبروننا بانفعال ودهشة ما شاهدوه من بطولة لدى الشباب .
اثناء وجودهم حصل انفجار كبير هز المنطقه كلها وتعالت سحب دخان اسود وسط بلدة معركة ،احسست بأن قلبي خرج من صدري وعاد اليه كأن امراً جلل قد حصل ، وبدأت الإتصال عبر الجهاز واصوات اهالي معركة وسيارات الاسعاف تسمع من هنا، وبدأ الاهالي في طورا بالتجمع حولنا و هم يتساءلون عن الدخان المتصاعد من معركة قلت من عادة العدو قصف المنازل الآمنه وما حصل قبل ايام هنا مماثل حينما قصفت دبابات العدو بلدة طورا ليلاً .ولما لم يجب اي من الاخوة في بلدة معركة على اتصالاتنا بدأ القلق والخوف يجتاحني ،وبعد وقت وصل بعض الاخوات والاخوة من بلدة معركة كانوا  الى جانب الش-هيد محمد سعد يودعهم في حسينية معركة “وعلى باب مكتبة سيد الش-هداء “في الطابق العلوي ، والدماء والدخان الاسود على وجهوهم ومن بينهم اختي وهي مصابة بكسور في اضلاعها قالت :  كنت اتحدث معه وحصل الانفجار وحاولت انعاشه لكن حجر كبير كان قد ارتطم برأسه وان اصابته بليغة وتم نقله بسيارة اسعاف الى مركز للامم المتحدة في البلدة والش-هيد خليل جرادي كان في داخل الحسينيه لم نستطع العثور عليه .
بدأت الملم نفسي احاول التماسك والتصرف بمسؤولية وقلت لو كان محمد سعد هنا كيف سيتصرف بهكذا موقف؟ وكيف يحمي الاهالي و المقاو-مين ؟ وكيف يحافظ على شعلة المق-اومة ؟.
. طلبت من احد الاخوة في صور الاتصال بالاخ رئيس الحركة للطلب من اليونيفيل نقل الحرجى محمد سعد وخليل جرادي الى مستشفى الطورائ “اليونيفيل “في الناقورة ،واتصال مع آخر للتوجه الى مستشفى جبل عامل حيث تجمع الاهالي للتبرع بالدم واتصلت بالش-هيد داوود والحاج علي خريس. وبعدها توجهت بكلمة الى الاهالي والمقا-ومين المتواجدين حولي ان دم الش-هداء والجرحى سيدفعنا للاستمرار وتعديات العدو تواجه بالاصرار على التحدي والتحمل ولمزيد من المقا-ومة. وتوقف البكاء والنحيب ،وتعالت اصوات الاهالي بالتكبير.
وكأن اعصابي المشدودة من حديد طيلة الوقت تحولت في هدأة الليل الى جزع ودعاءوحزن وبكاء .
على الرغم من ان سمات الش-هادة حاضرة في كل معالم الشهيد محمد سعد وتحركاته الا ان خبر استش-هاده زلزل كياني واظلم عالمي ،كان صديق القلب والروح وقائدي في الخط والمسيرة، لازالت هذه اللحظات محفورة في وجداني وذاكرتي ،ولا زلــت كــل يــوم اســمــع رنــيـن صوته يؤدن بالـنـصـر واتـأمــل صـفـحــات الــعــز عــلـى وجــه الــصـباحات فى القرى وقـسمــات وجــهـه تــضــيء دروب الـفــاتــحيـن ,  كما كل هذه السنوات العابرة سنبقى على العهد نتلمس دربه الذي خط بالدماء وازهر التحرير والحرية ومن سحر عينيه اصبح لنا وجود ومن طهر قلبه صار عندنا منبع بلا حدود فهنيئا” له الحياة في الجنة .
(محمد حرقوص)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى