أديان

إنه لقسمٌ عظيم: شيعة العزة والكرامة!* على الشيعة وسائر اللبنانيين ان يقرأوا هذا المقال ويحفظوه

*إنه لقسمٌ عظيم: شيعة العزة والكرامة!*
يُحكى أنّ تاريخنا كان مجهولا وكانت طائفتنا مسلوبة الشرعية، وكنا “طارئون” على البلد يسموننا متاولة (أبو ذنب). وكانت ضيعنا خالية من المدارس نتعلم تحت الشجرة القراءة والكتابة.
كنا جهلاء وأميين، وكنّا نقايض أرضنا بمد القمح، وكانت النساء تدور على خدمة منازل البكاوات أسبوعياً، وكنّ يجمعنا روؤس ماشيته مقابل الرغيف،
وكن يضربن ويشتمن صبحاً وعشيّة.
وعندما نطلب العلم كان الجواب بأن الوجيه يدرس ولده نيابة عنا، وأنّ عدا ذلك كان علماؤنا يهادنون الزعيم طمعاً بتدريس وإطعام الرعية، ويحكى أنّ الجراد أكل أخضرنا أبّان الحرب الكونيّة، وأنّ إمرأة من جبلنا وجدوها تقتات على رؤوس الآدميين، وأنّ مؤلفات كتبنا بيعت بمد من الطعام.
يُحكى أنّ صادق حمزة وأدهم خنجر كوَّانا عصابة مسلَّحة وكانا قاطعا طرق—تماماً كما أصبحَتْ اليوم مقاومتنا إرهاباً ومقاومينا ميليشيات وأنّهما نهبا لا قاوما الإحتلال الفرنسي فما أشبه اليوم بالأمس، حتى كتب التاريخ الذي درسناه من تأليف وحوار وسيناريو وإخراج مؤرخي الطائفة الفينيقية لم يذكروهما بحرف، وأنّ السيّد القائد الكبير المرجع شرف الدين بايع فيصلاً في الحجير، غير أنّ العرب تركونا وحيدين نعاني على يد الفرنسي المجرم الذي نهب وسلب كل ثرواتنا.
يُحكى أن لبنان الكبير ابتلع جبلنا، وصرنا على أبواب بيروت عتّالة في المرفأ ولحّامين وبائعي يا نصيب بساحة الشهداء وماسحي أحذية، وأننا كنّا نمشي وراء الفينيقي الذي أصبح الآن بين ليلة وضحاها عربي الإنتماء وأضحينا نحن إيرانيين محتلين، ليضع أكياسه في سلتنا لنوصلها لمنزله فقد كنّا أشبه بعربة السوبرماركت. ويُحكى أيضاً بأننا كنا كنَّاسو الشوارع في الوقت الذي كانت طرقاتنا لا تصلح لمرور البغال ولا الحمير وكان أجمل أحلامنا مدرسة ومستشفى، ووظيفة تليق بنا وكانوا يتذرعون بأننا متاولة أي متخلفين لعدم توظيفنا، وكانت الوظيفة لقلة قليلة من أزلام البيك (عادة ناطور بناية أو مقدِّم قهوة في المكاتب).
يحكى أنّنا كنّا عبئاً عليهم ونحن أغراب عن لبنان. وقد حاول أميل إده سلخنا عن لبنان، ولمّا عارضته مصلحة فرنسا، كان من جماعته من يريد بيع أرضنا لليهود وترحيلنا إلى العراق، ويحكى أنّ بشارة الخوري تساءل عنّا هل نحن لبنانيين أم جَلَبْ مثل جماعته الذين جاؤا من براد وحلب في سوريا أو من المنصورة في مصر بإعتبار اللبنانية رمز الرقيّ ال( Hi وساڤا وبنجور)!
ويُحكى أيضاً أنّ القرى السبع، عددها أكبر من سبعة، وأن بوليه-نيوكامب سلخاها عنّا لضعفنا، وأنّ إسرائيل كانت تستبيحنا ما قبل نكبة فلسطين وبعدها وترتكب المجازر كما كانت تفعل في فلسطين، وكانت تعربد ليلاً نهاراً فقط فوق قرانا ودمرت مطارنا وطائراتنا المدنية وكانت كل كم سنة تجتاحنا وتبيد معالم ضيعنا وتهجِّر شعبنا العاملي فيضطر للسكن في حدائق عامَّة بُنيَت للراقين والحضاريين ووسط بيئة عنصرية معادية أو الإقامة في صفوف المدارس، وأنّ أطماعها فينا سابقة لقيام لبنان وحتى ما قبل أي مقاومة.
يحكى أنّنا كنا متاولة ولنا ذَنَب، وكانوا يطلقون علينا متاولة كاستخفاف واستهزاء بنا، غير أنّه يحكى أيضاً أنّه في أواخر الخمسينات، خرج رجل من أقصى المدينة يسعى طالباً للإصلاح وله أصول مباركة في جبل عامل ولبنانيته فاقت الذي خلف جد جد الفينيقي العتيق، أسمه موسى، فخرَّتْ له الأصقاع ساجدةً وتحطَّمت بعصا فكره أصنام الظلم والإقطاع والعنصرية. حتّى إذا ألقى موسى عصاه، تلقَّفَتْ ما كانوا يأفكون بنا، وصار من هذا الجيل قلم ورصاص. كما هدم موسى بعصاه هيكل استبدادهم واستعبادهم التقليدي، وأخاط لنا من عباءته منديلاً ستر فيه عفتنا المُنتَهَكَة.
كنا نخاف الخوف حتّى جاءنا، وكنّا شِيَعَاً وأخرجنا من القمقم إلى الحرية. كُنَّا مُوزَّعِين ومُشتَّتِين في أحزاب شتى من بيروت لصور والبقاع والغنيمة لغيرنا فجاء وجمعنا وضمَّنا إلى قلب فكره النيِّر. كنا بسبب تهميش الكيان الفرنسي العنصري لا نشعر بالأنتماء بعد أن تُرِكت أجزاء واسعة من الجنوب وبعلبك الهرمل تحت نير الحرمان وبعد أن وقفنا وحيدين نصد العدو الإسرائيلي بصدورنا العارية وندفع الجِزيَة عن كل الوطن في حين كان ما يسمى الشركاء وطبقة ٤ بالمئة يتنعَّمون بنظام مصرفي ريعي رأسمالي قوَّادي ومجتمع إستهلاكي غير مُنتِج يقتات على الفتات والخدمات على أنواعها يملك فيه القلَّة المذهبية الوكالات الحصرية ويسرح فيه ويمرح كل استخبارات وقاذورات العالم!
ورغم كل المظالم أعاد لنا الإمام الصدر ثقتنا بالوطن كوطن نهائي وأشهدنا سماحة الإمام أمام كل العالم بأننا لسنا المتاولة، فنحن الروافض قبل التّاريخ وبعده، من عين البنية من المؤسسة نحن (أفواج المقاومة اللبنانية/أمل) من القَسَم في بعلبك إلى البيعة في صور إنطلقت المسيرة وكانت ولادة المؤسسات من المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى إلى مجلس الجنوب إلى المؤسسات التربوية والمهنية فاستعاد الإمام السيد موسى الصدر كرامتنا المَسْبيَّة مُطالباً بحقوق الشيعة وفي نفس الوقت حمى التعايش الوطني والأنتماء للوطن لا للمذهب ودعا لوطن العدالة بلا طائفية سياسية وتكافؤ الفُرص والتوظيف حسب الكفاءة لا الطائفة والتوزيع العادل للثروة ضمن مجتمع منتج متكافل تجاري-زراعي-صناعي، فأصبح أكبر من البكاوات ولأجل ذلك حاربوه، ومن ضمنهم رجال دين، وعملوا على اخفائه مجتمعين إقطاع وعمائم ومفكرون، هم أنفسهم يا شيعة فلا تحزن اليوم، لم يبدّل القوم ولكن بدلت صورهم. ذهب الجد فجاء الإبن والحفيد هم أنفسهم أسياد المارونية السياسية التي كانت مؤلفة من إقطاعيين موارنة وسُنَّة وشيعة ودروز.
حتّى إذا غُيِّبَ البدر في ليلة ظلماء أشرقت شمس الخميني في الليالي العشر، فأصبح عصيّاً على التجفاف، وصار لهذه الطائفة سلاح زينة للرجال وعمق لصد العدوان، وكان الإجتياح الإسرائيلي عام 1982 حيث كنا حتى تاريخه مواطنون درجة ثانية وفرضوا علينا رئيساً من صنع تل أبيب واتفاق الذل في 17 أيار، فخرج المارد الشيعي من داخل القمقم وأطلق رصاصته الأولى في خلدة وأنّطلق أحمد قصير ليهدم في صور ألف وأربعمائة عام من القهر، و جاؤوا بعدها بجيش الأمين اخو البشير الفئوي ليعتقل ويعذب شبابنا في معتقلات الموت والتعذيب،
وهكذا مع فِكر ومقاومة الإمام الصدر والثورة الإسلامية الإيرانية بقيادة أمامها العظيم اية الله الخميني وسلاح المقاومة حولنا الضعف إلى قوة، والغبن بآلاف الموظفين، وعربة الخضار أصبحت مئات المؤسسات، والتعليم تحت الشجرة تحول إلى مئات المعاهد والمدارس وعشرات الجامعات، وأنشأنا المبرات والمستشفيات وهكذا أسقطنا أحلام بن غوريون سنة 2000، وعبرَتْ الأمة عبرنا من زمن الهزائم إلى زمن الإنتصارات عام 2006، حتّى صار العامليون على امتداد كريات شمونة وغوش دان وما بعد بعد بعد حيفا تصل صواريخنا. وأصبحنا أصحاب القرار ، قرار السلم والحرب، وصار العالم يحسب لنا ألف حساب وبات لبنان بفضلنا نحن (المتاولة) الرقم الصعب في المعادلة والحسابات الدولية والاقليمية.
لا نقبل بعد اليوم أن نعود مواطنين درجة ثانية! نحن بدماء شهدائنا أصبحنا شركاء في هذا الوطن ونحن من يقرر مصيره. وانت أيها المقترع الشيعي أصبحت في نظرهم إيرانياً ويريدون تحرير لبنان منك ونزع سلاحك ( بالمشبرح) يريدون رأسنا وحلم حياتهم أن يرجعونا عتالين على المرفاء وزبالين وماسحي أحذية.
لهؤلاء نقول انتهى زمن استعبادنا. لقد تحررنا وحررنا الأرض وهل رأيت مارداً خرج من قمقم يعود إليه، نعم إنه زمن العزة والكرامة والشرف، نعم لقد ولى زمنكم “الجميل” زمن أستعباد المتاولة وجاء زمن المشاركة في الحكم وزمن الشيعة.
لقد غيَّر الإمام السيد موسى الصدر مرة واحدة وإلى الأبد حياة الشيعة اللبنانيين ونحن من دفع ثمناً غالياً من خيرة شبابنا بوجه الإحتلال الإسرائيلي والتكفيري وما زلنا نقدم فلذات أكبادنا كل يوم.
لقد غيَّر سماحة الإمام القائد السيد موسى الصدر وجه التأريخ ونفض الغبار عن أمةٍ ً كانت مستعبدة من قبل الإقطاع السياسي الذي أباده الأمام القائد السيد موسى الصدر واخضرت الأرض بشقائق النعمان من دماء الشهداء الأبرار.
نعم سيبقى سماحة الإمام القائد السيد موسى الصدر هو الأساس والمصدر والسيف لن يعود لغمده حتى تسود العدالة الحقيقية وتعم هذه الأرض مع صاحب المكان والزمان.
(بعض المقاطع منقولة بتصرف)
*الكاتب خليل إسماعيل رمَّال*

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى