صادق مقدم : خطة إسرائيلية تحت غطاء أمني… والرد الأميركي حذر لا رفض

في تطوّر لافت يعكس تصاعد التوترات على الجبهة الشمالية، كشفت مصادر دبلوماسية مطلعة أن الحكومة الإسرائيلية قدّمت للإدارة الأميركية خطة عسكرية تهدف إلى توسيع نطاق وجودها داخل الأراضي اللبنانية، تحت مبرر “إنشاء منطقة أمنية عازلة” على الحدود الشمالية، لمواجهة ما تصفه بـ”التهديد المتصاعد من حزب الله”.الخطة الإسرائيلية، التي ناقشها مسؤولون عسكريون وسياسيون مع نظرائهم الأميركيين، تتضمن إقامة شريط أمني داخل الأراضي اللبنانية يمتد لعدة كيلومترات، تخضع لسيطرة مباشرة أو غير مباشرة من قبل الجيش الإسرائيلي. وبحسب التسريبات، فإن تل أبيب تسعى إلى تنفيذ عمليات برية وجوية “استباقية” بهدف طرد مجموعات المقاومة من القرى والمزارع القريبة من الحدود، وتدمير ما تسميه “البنية التحتية الصاروخية لحزب الله”.ورغم أن المسؤولين الإسرائيليين يتحدثون عن “إجراءات مؤقتة”، إلا أن بنود الخطة تكشف عن نية لتثبيت نقاط مراقبة، وشبكة طرق عسكرية، ما يعيد إلى الأذهان تجربة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان ما قبل العام 2000.واشنطن لم ترفض الخطة بشكل رسمي، لكنها أبدت تحفظات على توقيتها وأبعادها. مصادر في الخارجية الأميركية أكدت أن “الولايات المتحدة تفضل احتواء التصعيد ومنع اندلاع حرب شاملة في المنطقة”، إلا أن مسؤولين في البنتاغون عبّروا عن “تفهمهم” لاحتياجات إسرائيل الأمنية، مما يشير إلى وجود نقاش داخلي حول المدى المقبول للدعم الأميركي في هذا الإطار.على الجانب اللبناني، اعتبرت الحكومة أن أي خطوة من هذا النوع تمثل انتهاكًا واضحًا للسيادة ولقرارات مجلس الأمن، خصوصًا القرار 1701 الذي أنهى حرب تموز 2006. كما حذّرت أوساط سياسية ودبلوماسية من أن تطبيق الخطة قد يؤدي إلى موجة نزوح جديدة من القرى الجنوبية، في ظل الغارات الإسرائيلية المستمرة على البنية التحتية المدنية. إسرائيل تسعى من خلال هذه الخطة إلى فرض وقائع ميدانية جديدة قبيل أي تسوية إقليمية مقبلة، خصوصًا في ظل مفاوضات غير مباشرة تُجرى برعاية فرنسية وأممية لترسيم قواعد اشتباك جديدة بين الطرفين. ويبدو أن تل أبيب تدرك أن المظلة الأميركية قد تتيح لها هامش مناورة أكبر في الميدان، حتى وإن لم تحظَ الخطة بموافقة دولية كاملة.في الوقت الذي تترنح فيه المنطقة بين التهدئة والانفجار، يبقى مستقبل الجنوب اللبناني معلقًا بين التصعيد العسكري والمبادرات الدبلوماسية. خطة إسرائيل لتوسيع وجودها داخل الأراضي اللبنانية، حتى وإن طُرحت في إطار أمني، تحمل في جوهرها أبعادًا احتلالية قد تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من النزاع، بتكلفة إنسانية وجيوسياسية باهظة.