ماذا نعرف عن الاجتماع العسكري الأكبر في تاريخ أميركا؟

حدث غير مسبوق سيحضره ترمب ودعوات للقادة بالتزام الحياد المهني وعدم إظهار الدعم السياسي لأي طرف
في قاعدة مشاة البحرية في شمال فرجينيا سيجتمع المئات من كبار العسكريين في الولايات المتحدة لحضور حدث غير مسبوق اليوم الثلاثاء بدعوة من وزير الدفاع الأميركي بيت هيغيسث، وبحضور الرئيس دونالد ترمب، مما أثار تكهنات واسعة حول الغاية من هذا الاجتماع النادر في تاريخ البلاد.
ما الهدف؟
يتكتم البنتاغون على أهداف الاجتماع، إلا أن مسؤولين أشاروا إلى أن وزير الدفاع يريد حشد الحماسة وتعزيز الروح المعنوية للقادة لترسيخ ما يسميه “روح المحارب” من أعلى الهرم حتى أدناه، في إطار تنفيذ الأجندة الجديدة للوزارة التي أعادت إدارة ترمب تسميتها بوزارة الحرب .
ولم تتضمن دعوة هيغسيث للعسكريين تفاصيل عن هدف الاجتماع، مما أثار مخاوف في صفوف الجيش من أن تستغل إدارة ترمب اللقاء لعزل المزيد من كبار القادة، أو مناقشة خفض رتب الضباط وإعادة صياغة أولويات الدفاع، وهو ما ينفيه الرئيس ترمب مؤكداً أن اللقاء سيكون ودياً.
ومن المتوقع أن تُعلن ادراة ترامب قريباً استراتيجيتها الدفاعية الوطنية، والتي توقع بعض المسؤولين أنها قد تكون من دوافع هذا الاجتماع. وقال ترمب إنه سيستغل الاجتماع مع كبار قادة الجيش الأميركي في فرجينيا ليقول لهم “نحن نحبكم”، موضحاً لشبكة “أن بي سي نيوز” بأن هدف الاجتماع التذكير بالنجاح العسكري لبلاده.
من سيحضر؟
وجهت الدعوة لنحو 800 جنرال وأدميرال، وإلى قادة القيادات الأميركية المتوزعة حول العالم مثل القيادة الأميركية في المحيطين الهندي والهادئ والقيادة الأوروبية الأميركية، إضافة إلى قادة أساطيل البحرية وقادة فيالق الجيش. وبحسب عدد من المسؤولين العسكريين، طُلب من المدعوين ارتداء الزي العسكري الرسمي.
وعندما سئل ترمب عن الاجتماع الخميس الماضي بدا أنه لم يكن على علم مسبق، لكنه سرعان ما أشاد بمبادرة هيغسيث، وأعلن لاحقاً أنه سيحضر اللقاء لكن لم يتضح بعد ما إذا كان سيلقي خطاباً رسمياً.
هل الحدث يمثل “سابقة”؟
لا يوجد سابقة في العقود الأخيرة لاجتماع مباشر يجمع الرئيس الأميركي مع هذا العدد الكبير من كبار العسكريين. واعتبرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن الحدث نادر للغاية، لأن المخاوف الأمنية عادة ما تحول وحدها دون الإعلان عن لقاء يجمع هذا العدد من كبار القادة في مكان واحد. ولعلاج هذه المخاوف، سُينقل الحاضرون بحافلات تنطلق من مواقع متفرقة.
ماذا يُتوقع من العسكريين؟
الجنرال المتقاعد مارك هيرتلينغ كتب في مقال لمجلة “ذا بولورك” أنه يتوقع من الحاضرين التحلي بالانضباط والصمت المهني، انسجاماً مع تقليد طويل يمنع إظهار دعم سياسي علني، قائلاً، “آمل في أن تكون الرسالة الأوضح التي يرسلونها هي عدم إرسال أي رسالة، فقط الصمت المنضبط للمحترفين الذين يعرفون أن قسمهم هو للدستور لا لرجل”.
ومن المفترض أن يتجنب الجيش الأميركي الإدلاء ببيانات سياسية، ويبقى مخلصاً لدستور الولايات المتحدة، ومستقلاً عن أي حزب أو حركة سياسية.
كم سيكلف الاجتماع؟
لاقت هذه الخطوة انتقادات بسبب التكلفة المالية والأخطار الأمنية المترتبة على جمع كبار العسكريين في مكان واحد، على رغم إمكانية إقامة الحدث افتراضياً لتقليل تكاليف سفر المئات من القادة من مواقعهم حول العالم. وقال جون أوليوت، المتحدث السابق باسم البنتاغون في عهد ترمب: “التكلفة الإجمالية تصل إلى عشرات الملايين لنقل هؤلاء الضباط جواً، ناهيك عن تشتيتهم عن أداء مهامهم المهمة من دون سبب واضح”.
ووجهت عضوتا مجلس الشيوخ الديمقراطيتان تامي دوكوورث ومازي هيرونو، وهما في لجنة القوات المسلحة، انتقادات للاجتماع معتبرتَين أنه مكلف ومعطِّل. وجاء في رسالتهما إلى هيغسيث: “هذا التجمع سيتسبب بحشد غير مسبوق للقيادة العسكرية العليا في مكان واحد فقط من أجل الاستماع إلى حديثك عن المعايير والروح المعنوية، وذلك بتكلفة كبيرة ومع تداعيات أمنية خطيرة محتملة”. وأضافتا: “بالنسبة لإدارة مهووسة بالقضاء على الهدر، فإن هذا الاجتماع المفاجئ والمكلف للوقت والموارد مع قادة جيشنا الكبار هو أمر سخيف”.
بماذا يتزامن الحدث؟
تباهى هيغسيث الشهر الماضي بأنه ألغى “ثقافة اليقظة وما يُسمى ببرامج التنوع والإنصاف والشمول” في الجيش، وقرر إقالة أكثر من 20 قائداً عسكرياً كبيراً، بينهم أخيراً رئيس وكالة الاستخبارات الدفاعية. كذلك دعا إلى تقليص عدد الجنرالات والأدميرالات ذوي الأربع نجوم لترشيد قيادة البنتاغون.
ويأتي هذا الاجتماع بعد ثمانية أشهر من التغييرات الجذرية في وزارة الدفاع منذ تولي ترمب منصبه، والتي شملت إقالة رئيس هيئة الأركان المشتركة وقائد القوات البحرية وتوجيه ضربات لقوارب يشتبه في نقلها المخدرات قبالة سواحل فنزويلا إضافة إلى نشر قوات الجيش في الولايات.
وأصدر ترمب السبت أوامر بإرسال قوات إلى بورتلاند في ولاية أوريغون، مؤكداً أن القوات ستملك صلاحية استخدام “القوة الكاملة” لحماية المنشآت الفيدرالية ومواجهة جماعة “أنتيفا”، اليسارية.
وفي حديثه مع “رويترز” يوم الأحد، قال ترمب “أريد أن أقول للجنرالات إننا نحبهم، إنهم قادة أعزاء، وأن يكونوا أقوياء، وأذكياء، ومتعاطفين”. ومن المرجح أن يطغى حضور الرئيس على حضور هيغسيث، الذي استدعى القادة من أنحاء العالم، بمن فيهم المتمركزون في مواقع بعيدة في آسيا وأوروبا والشرق الأوسط.
وكان ترمب وقع هذا الشهر أمراً تنفيذياً لإعادة تسمية وزارة الدفاع إلى “وزارة الحرب”، عائداً إلى اللقب الذي احتفظت به حتى ما بعد الحرب العالمية الثانية، عندما سعى المسؤولون إلى التأكيد على دور البنتاغون في منع الصراعات.





