أديان

انت ابن حركة أمل ؟! .. اقرأوا ما قاله السيدالصدر في بعلبك في مثل هذا اليوم

وثّقت جريدة النهار لحظة تاريخية ومفصلية في تاريخ لبنان، فكتبت: “خمسة وسبعون ألفًا يرددون وراء الصدر قسمًا وميثاق شرف: سنستمرّ في نضالنا إلى أن نحقق الأهداف أو نموت شهداء”. الحديث عن مهرجان بعلبك الذي أُقيم في ساحة رأس العين بتاريخ 17 آذار 1974 للمطالبة بالحقوق والمساواة. وهنا نصّ خطاب الإمام الصدر كاملًا:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه وخاتم رسله محمد وآله الطاهرين.
أيها الإخوة الأعزاء،
ذكرى أربعين سيد الشهداء، في مدينة بعلبك، تذكرني بيوم آخر مرَّ على هذا البلد، قبل ألف وثلاثمئة وخمسة وثلاثين سنة، (هذا تشويش، أيّها الذي تطلق النار، اسكتْ ووفِّرْ الرصاص لصدر العدو، ولساعة الحاجة، سأقول كلامًا أكثر إيلامًا من الرصاص…) اسمعوا. قبل ألف وثلاثمئة وخمسة وثلاثين عامًا، شاهدت مدينة بعلبك احتفالًا آخر.
شاهدت هذه المدينة احتفالًا آخر، عندما دخل أسرى آل البيت، ورأس الحسين، وأصحاب الحسين على القنا دخلوا هذه المدينة في طريقه إلى الشام. قالت الدولة، قال الإعلام الرسمي، قالت المكبرات، والمشوشون قالوا: الخوارج سيدخلون بعلبك، وقد خذلهم الله ونصر الخليفة، فاستقبل أبناء بعلبك هذه القافلة، فعندما التقوا سألوا من أي الأسارى أنتم؟ فقالت زينب بنت عليّ: نحن من أسارى آل محمد. فنهض أبناء بعلبك الغيارى، وتذمروا وثاروا وهجموا على عملاء الخليفة، وطردوهم من البلد، واحتفلوا بذكرى أبي عبد الله أيام الأربعين، وبنوا مسجدًا كان يُسمى مسجد رأس الحسين قرب رأس العين. ينقل ذلك ابن شهراشوب في كتاب “المناقب”. وبنوا مقامًا لبنت الحسين، التي ماتت من عذاب الطريق وصعوبات الأسر والسبي. ثم هرب الظَلَمَةُ وخاف المتآمرون والمضللون، فهربوا وهرّبوا معهم رأس الحسين (عليه السلام)، فأخذوه هدية لطاغيتهم، للظالم ابن الظالم، وللطاغية المستأثر، لـيزيد بن معاوية.
هذا الاحتفال الأول بذكرى سيد الشهداء، في هذه المدينة البطلة ومن قِبَل أبنائها الأبطال. وها نحن نحتفل بذكرى أربعين الحسين (عليه السلام)، وبمناسبة متشابهة في الأهداف، وفي المواقف، وفي التضليل.
أما الأهداف فقال الحسين يوم خروجه: ألا ترون أن الحقّ لا يُعمل به، وأن الباطل لا يُتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله حقًا.
فاعتبر الحسين أن مجرد عدم إحقاق الحقّ وإبطال الباطل، مجرد إحقاق الحقّ إذا تُرِك والباطل إذا ما نُهيَ عنه كافٍ لأن يرغب المؤمن إلى لقاء الله ويستسلم للشهادة.
نحن اليوم وبعد ألف وثلاثمئة وخمسة وثلاثين عامًا ننظر إلى الأحداث، فنرى أن الحقّ لا يُعمل به، وأن الباطل لا يُتناهى عنه. وننظر أيضًا إلى التضليل، والتشكيك، والتشويش، والغبار الذي أثاروه، فكادت العيون لا ترى والمسامع لا تسمع. نحن اجتمعنا في هذا البلد الذي رفض الخضوع للتضليل، اجتمعنا حتى نرفض التضليل من جديد، كما رفض أجدادنا التضليل من ذي قبل.
وإليكم أيها الإخوة الأبطال هذه المعلومات، أذكرها راجيًا أن تأخذوها بدقة، وأن تقضوا على التضليل، لأن التضليل كبير وسوف أتحدث عنه.
هذه المنطقة يا أبناء بعلبك، ويا أبناء المنطقة، ويا أبناء الشمال والجنوب، ويا أبناء بيروت أضع أمامكم هذه المعلومات:
هل تعرفون أن في هذه المدينة الكبيرة، مدينة الشمس، مدينة الآثار، مدينة الحضارة، لا توجد مدرسة حكومية واحدة؟ كل المدارس مستأجرة. هناك مدرسة من أيام الفرنسيين، وكأن الحكومة اللبنانية تستكثر على أهل بعلبك، أن تبني مدرسة واحدة في هذا البلد.
هل هذا عدل؟
أيّها اللبنانيون، أيّها الذين تفاجأوا بغضبة السيد موسى! هل هذا حقّ أن لا تكون في هذه المدينة مدرسة واحدة؟ كلّها إعارة وإجارة، وترقيع وتركيب مؤقت. أليست المدرسة بداية الطريق؟ فيا أيتها الحكومة التي امتنعت من أن تضع الحجر الأساس للسير، ماذا تريدين منّا؟ ماذا تطلبين منّا؟ ماذا تتوقعين منّا؟ أنت التي تبخلين ببناء مدرسة واحدة. ماذا تريدين من هذا البلد؟
ثانيًا، منذ ألفي سنة كان الريّ للشرب ولإرواء الأراضي. كان الريّ في هذه المدينة وحواليها بالسدود. واليوم، بعد ألفي سنة، مياه رأس العين لا تروي المدينة؛ حسب الدراسات، أربعون بالمئة من مياه رأس العين… تغور في الأرض وتذهب هدرًا. وكأننا نبخل، وكأن الحكومة تبخل من صرف بضع مئات من ألوف الليرات لكي توفّر الماء لهذا البلد الجميل الطيب الزكيّ، الذي تُعدّ زهرة السياحة، وقلعة البطولة في لبنان.
وحوالي بعلبك نجد آثارًا رومانية من سدود، في بلدة نحلة، وفي بلدة جنتا وفي بلدة يحفوفا وفي بلدة شمسطار. كانت السدود في بعض هذه الأماكن، تروي الأرض والبشر، فأصبحنا في القرن العشرين وكأننا نعيش فترة ما قبل التاريخ.
ماذا تريدين منّا أيتها الحكومة؟ أيتها الجهة التي تبخل، وتتجاهل وتتمادى في التجاهل والعناد، ماذا تريدين منّا؟
اليمونة، أيام الفرنسيين، وضعوا مشروعًا لبحيرة تروي خمسة آلاف هكتار، فجاءت أيام الاستقلال فهُدِمت البحيرة، والمياه اليوم لا تروي سوى ألف هكتار أو أقلّ. لماذا أيها الإخوة؟
الماء حياتنا، الماء حاجتنا، و﴿من الماء كل شيء حي﴾ ]الأنبياء، 30[. لماذا هذا التجاهل؟ وهل يمكننا أن لا نغضب بعد هذه التجاهلات والتمادي في التجاهل؟
عيون أرغش، يا أبناء الجرد، يا أبطال لبنان، يا أشعة الذكاء والعبقرية. عيون أرغش تروي، وبإمكانها أن تروي سبعة وعشرين قرية. الآن تعيش عطشى، ليس فيها قطرة من الماء، والمشروع جاهز، والاعتمادات مرصودة من سنة 63، أكثر من عشر سنوات، لا يحتاج إلّا تونيل واحد، مليونين ومئتين ألف. لماذا لا يعملون؟ هل بإمكاننا أن نعتبر الحكومة التي تبخل في إرواء الناس، اعتبارها أبًا لهذا الشعب؟ أو خصمًا لهذا الشعب؟
مشروع العاصي-القاع–الهرمل. وليس مشروعًا يساعد ويخدم الشيعة فحسب، أنتم تعرفون أن أكثر الأراضي التي ترتوي من العاصي في منطقة القاع ليست أراضٍ شيعية. طلبنا لكل محروم، طلبنا لكل مواطن. من سنة 63 حتى الآن الاعتمادات متوفرة ولا تنفيذ.
مثال آخر، لأجل تجفيف الأراضي في البقاع تمهيدًا للاستفادة من الليطاني، بقي مرسوم التجفيف ثلاث سنوات مجمدًا دون توقيع بدون أي سبب. ماذا نسمي الإنسان الذي يرى أن أبناءه يعيشون عطاشى ولا يحتاجون إلا توقيع، يمتنعون عن التوقيع. ماذا تسمون ذلك؟
وطالما أن الحديث عن الماء، فاسمحوا لي يا أبناء البقاع الأبطال أن أنقل إليكم مأساة مشابهة في منطقة الجنوب. المنطقة التي تناشدكم وتستنصركم، وتمدّ يدها إليكم، وقد سمعتم خلال الشعارات هذه الكلمة النبيلة: يا ابن بعلبك الحدود، نعم أبناء بعلبك سند أبناء الجنوب وحماتهم وظهرهم وإخوانهم في السراء والضراء. طالما أن الحديث عن هذه المنطقة، وعن ريّ المنطقة، فاسمعوا، واسمحوا لي، أن أنقل إليكم قصة، هي مأساة أخرى في الجانب الآخر من هذا الوطن، مأساة الليطاني. الليطاني مياه تنبع من أرضكم، وتجري وتصبّ في البحر. في الجنوب حسب التقسيم الجيولوجي في منطقة (ج). لبنان موزع إلى منطقة (أ) ومنطقة (ب) ومنطقة (ج). أفقر المناطق، منطقة (ج) الجنوب، من حيث المياه. هذه المنطقة الفقيرة، كان لها كميات من المياه، تآمروا على هذه المنطقة. بدأوا، أولًا… نقلوا ثلاثمئة… اسمعوا أيها الإخوة، اسمعوا حتى تعرفوا لماذا الغضب؟ لماذا الألم؟ أنتم تعرفوني هادئًا. لماذا أصرخ؟ لماذا أتألم؟ لماذا أتململ؟ اسمعوا بعض القصص:
ثلاثمئة مليون مترًا مكعبًا، نُقِلت من حوض الليطاني إلى حوض الأولي، هناك نهر آخر اسمه النهر الأولي، بحجة الكهرباء، وضعوا ثلاث محطات على النهر الأولي. والآن يريدون أن ينقلوا ستين مليون مترًا مكعبًا من جديد، من الليطاني إلى بيروت، حتى يقضوا على البقية الباقية من الأمل.
نحن نتساءل: تريدون الماء لبيروت، لماذا لا تستثمرون مياه نهر بيروت التي تهدر وتصبّ في البحر؟ لماذا لا تأخذون مياه نهر إبراهيم؟ لماذا لا تنفِّذون مشروع النفق؟
اسمعوا! هناك مشروع جاهز، مشروع النفق، يبدأ من الزلقا، ويُحفر النفق تحت الجبال ويصل إلى شتورة. هذا المشروع مدروس ومموّل، يعني شركات عالمية مستعدة أن تموّل هذا المشروع، لأن فيه 15 مليون مترًا مكعبًا مياه الشرب في بيروت، -أرجو عدم التعليق- 15 مليون مترًا مكعبًا [من] المياه مهيأة للبيع. يعني المشروع يموّل نفسه. إذا حُفر النفق، 24 كيلومتر فقط من الزلقا إلى شتورة، عشرين دقيقة فقط يحتاج الواحد لينتقل من بيروت إلى شتورة. وتعرفون كيف نتنقل خاصة في أيام الشتاء، لأن الارتفاع لا يتجاوز 500 مترًا. هذا النفق بإمكانه، إلى جانب تأمين طريق أوتوستراد لبعلبك وللمصنع، يؤمن مياه بيروت، لا! لا يريدون. يريدون أن يأخذوا مياه الليطاني. لماذا؟
إن تحويل مياه الليطاني في مأساويته وخسارته الوطنية… اسمعوا أيها الإخوة… شمس، الإعلام الرسمي، الإذاعة والتلفزيون، من أمس يقول: هناك ثلوج. وهناك عواصف. الطريق مقفل، لا تروحوا، والـ  (Week end) تعب وتعبان. لا تروحوا. نعم! الحمد لله هناك الكثير من الثلوج! حتى تعرفوا الصدق.
إن مأساة الليطاني تأتي بعد مأساة تحويل نهر الأردن. فاسمعوا… نهر الأردن حوَّلوه عن البلاد العربية، ونهر الليطاني حوّلوه بدون سبب، لو كان نهر الليطاني يُحرم منه الجنوب ويُعطى لبيروت كنا نقبل، على الرأس والعين، لكن لا… هناك مياه تروح للبحر. لا يريدون. من الأساس، من سنة 54 ما كانوا مهتمين بالليطاني. كانوا يفكرون كيفما كان، يسحبون هذه المياه إلى بيروت حتى لا يبقى للجنوب مياه، لماذا؟ هم خائفون على الجنوب؟ لماذا؟ هل يبخلون على الجنوب بقطرات من الماء، مع العلم أنه أفقر المناطق من جهة المياه، الجنوب؟
مع ذلك، وبعد، وُضعت دراسات أولية، ثم كُلِّفَتْ مؤسسة الأغذية الدولية بدراسات -دراسات هذه المؤسسة على أبواب النهاية- قبل أن تنتهي الدراسات، بدأوا يتحدثون عن الاتهامات الموجهة لهذه الدراسات، وأن هذه الدراسات وراءها إسرائيل، ومكاسب صهيونية عالمية. وبدأوا يشوشون حتى يمنعوا تنفيذ هذه الدراسات لإرواء عشرة آلاف هكتار. لماذا عشرة آلاف؟ لإرواء عشرة آلاف هكتار، لماذا عشرة آلاف وليس أكثر؟ أهواء وأغراض.
المهندسون في الأمم المتحدة، وزملاؤهم اللبنانيين، وكبير الخبراء اللبنانيين الذي يدير مؤسسات عالمية يرفضون هذه الدراسات. أحد كبار الخبراء، عضو مجلس الليطاني، يقول في دراسة، في مكان رسمي، يقول إن البرامج الموضوعة فقرتان: الأولى برامج، والثانية تؤكد أن برامج الليطاني لن تُنفَّذ. ومصلحة الليطاني بوضعها الحاضر لا يمكنها أن تُنفِّذ من جهة الإدارة، ومن جهة الإمكانية. والبرهان أن الليطاني… هذا كلام ليس كلامي، كلام خبير كبير، والبرهان أن الليطاني عندما بدأ (يبرم)، وهو (يبرم)، وسنكمل (نبرم) أبدًا دون تنفيذ.
هذه المياه الموجودة وكيفية استثمارها. وإذا سحبوا المياه إلى بيروت، فلا يتبقى للجنوب مياه في سنوات الشحائح. ولذلك، نحن نرفض سحب المياه إلى بيروت، ولا نسمح لهذا، لأن هذا تآمر على المياه في الجنوب.
رابعًا، هناك منطقة مثلث يارين–كفرا-يارون تُروى بالبحيرات والمشروع جاهز. لا ينفذوه لأن الحكومة اللي وضعت المشروع، ما بتعجبهم. لمجرد الرغبة، لمجرد العاطفة، ما بدهم ينفذوا هذا المشروع. متى تُنفَّذ دراسات الليطاني؟ يقول خبير كبير لا تُنَفَّذ، وتقول الدراسات آخر 79 تُنَفَّذ. كانوا يقدِّرون النفقات بـ 350 مليونًا، والآن صرفوا 400 مليون ليرة وليس هناك من عمل للتنفيذ.
أيها الإخوة الأعزاء،
في منطقتكم، وفي الشمال، وفي الجنوب، مئات من المواطنين لا يملكون بطاقة الهوية. من المسؤول عنهم؟ لبنانيون منذ ألف سنة أو يزيد. لا يعطونهم بطاقات! أوضاعكم الصحية، في الهرمل، في المنطقة! أوضاعكم المدرسية والمهنية! كيف يمكن أن نعبِّر عنها؟ قالوا 15 مليون ليرة خصصناها للهرمل. الاعتمادات كانت مدوّرة من السنوات السابقة، ولم تكن [هناك] موازنة جديدة. ولا أعرف إذا صُرِفت هذه المبالغ؟ يكفيكم هذا الرقم لكي تكتشفوا مدى الظلم اللاحق بهذه المنطقة.
أن ينام مرتاحًا كريمًا. كلا! إسرائيل لا تترك لهذه المنطقة قرارًا. وقد زرتُ الرئيس حافظ الأسد منذ يومين، كنت أسأله (أنا أعرف أنه في كفاية لكن نريده وقت الحاجة… لا نريد أن نروّح السلاح… حرام، نريد أكثر… مهما كان كثيرًا… نريد أن نوفِّر… طولوا بالكم… أرجوكم أن لا تطلقوا النار… أرجوكم… يا أيها الإخوة حرام… إسراف هذا…) سألته عن قضية فصل القوات. فقال: إن إسرائيل قد خسرت استراتيجيتها الحربية، كانت تتصور أنها ستخوض حربًا خاطفة، خسرت. تريد أن تربح المعركة السياسية من خلال فصل القوات. الشرق والغرب أيضًا يريدان. لكن أنا سأقول لك لو كلَّفتنا المعركة السياسية مليون أو مليونين قتيل، سنخوضها.
هذا تصميم على مقربة منا. وماذا سيكون تأثير المعركة على بلادنا؟ المعركة ما انتهت، ولن تنتهي بهذه السرعة. نريد أن نستعد، نريد أن نربي جيلًا يتمكن أن يحمل سلاحًا بيد، ويحمل منجلًا بيد آخر، حتى يتمكن من الاستمرار.
لذلك، نحن بحاجة ملحة إلى التدريب العسكري، وقد طالبنا الحكومة منذ ست سنوات، كل يوم وكل شهر، ولا من مجيب. نضطر أن ندرِّب أولادنا، ندرِّب ونسلِّح لكي نحفظ كرامة بيوتنا، ونحفظ أعراضنا، ونقوم بدورنا في صيانة الوطن.
وإذ تلاحظون، أننا لا نفجر الأوضاع بشكل سريع فلهذه الغايات والأسباب، حتى نستعد، وننظم ونراعي ظروف المنطقة. ولذلك، نحن الآن نتحدث من خلال المهرجانات، وأعتقد أن هذا المهرجان، كلمة الفصل في موقفنا.
هذا البقاع أيضًا متروك ومهمل؛ الغلاء، الظلم، الاستهتار، المحسوبيات، الفساد في دوائر الدولة، الرشوة، الانحرافات ملأت الدنيا. يتحكمون في مصائر العالم، يتحكمون في شؤون الدين والدنيا. كل هذه الأمور قائمة. وأسوأ من ذلك، سنوات طالبنا ولا من مجيب. أسوأ من هذا، تعرفون منذ أن بدأنا بالمطالبة وبالصراخ، حتى الآن ما قامت الدولة ولا الحكومة بالحوار معنا، تقول: ماذا تريدون؟
فئات من المواطنين، عمّال مصنع، طلّاب مدرسة، معلمو مدرسة… يُضْرِبون ويتحركون، سرعان ما تتجمع لجنة الحوار لكي يتحدثوا. الطائفة بعرضها وطولها، ومن يسندها من اللبنانيين الشرفاء، أشهر تصرخ وتنادي وتستنجد وتعمل اجتماعات ولا من مجيب، ولا من محاور، ولا من حديث جديّ. ماذا نقول أمام هذا الاستهتار؟
أيها الإخوة الأعزاء،
وجدوا أن المطالبة هذه المرة جديّة، بدأت بالاجتماعات والمهرجانات، وستنتهي إلى الأمور السلبية من إضراب واعتصام وعصيان مدني وغير ذلك، ثم تتجاوز الأمور عن يدنا. وجدوا أن الطلب جديٌّ هذه المرة، ما الذي سيفعلونه؟ بدأوا يشككون، […]. بدأوا يشككون، بدأوا يركزون في وسائل الإعلام وبعض الصحف المأجورة، وهي موجودة في لبنان، رغم وجود الصحف الشريفة الكثيرة والحمد لله التي تُمكننا من إيصال صوتنا للعالم، بدأوا يشوشون. أول شيء قالوا هذه الحركة وراءها دول أجنبية، لهم مخططات سياسية؛ الذين قالوا هذه الكلمة لرأسهم غارقين في العمالة للأجانب. وقالوا عنّا… ولكننا صبرنا وأخذنا السلاح من أيديهم. سرعان ما اكتُشف أن حركتنا وطنية صادقة تنبع من إيماننا بالله، من إيماننا بالوطن، من رغبتنا في صيانة وطننا، كرامة المواطنين، قيامنا بدورنا الواجب في معركة أمتنا. أخذنا منهم هذا السلاح.
رجعوا قالوا… ها السيد موسى يريد الرئاسة، يريد رئاسة المجلس الشيعي طوال العمر. سحبنا المشروع من مجلس النواب حتى لا يبقى مجال لهذا الأمر، لكن قالوا أنت تريد… أقول يا جماعة، أنا لا أريد، اعطوني الآن طلباتي وخذوا استقالتي. علاقتي مع الناس ليس من خلال رئاسة المجلس الشيعي. هذا الاحتفال… صحفيون بجانبي يقدرون عدد الحضور، 75 ألف شخص… أكثر.
يا إخوان،
تذكروا اسمعوا! اسمعوا، تذكروا قبل خمس سنوات أو ست سنوات صارت معي محنة اتُهِمت، واعتديَ عليّ، فجئتُ إلى بعلبك بنفس العدد، ما كنتُ يومها لا رئيس، ولا بسيارتي علم، ولا أحد يعمل لي بروتوكول… وما أغناني عن هذه الأمور. علاقتي معكم علاقة نضال، علاقة مذهب، علاقة عاطفة، علاقة حركة، علاقة تعقل، علاقة مصير، علاقتي أننا نلتقي في خطّ عليّ بن أبي طالب.
إخواني، اسمعوا! هذا إيذاء للناس، إيذاء، إيذاء، يزعج سمع الإنسان، في المجتمع لا يجوز… خلَّنا اليوم من دون حادث، لأنه ليس هناك قوات للأمن، لا درك، لا محافظون. خلَّنا نحن نحافظ. بلا (قواص)… إذا سمحتم بلا (قواص) حتى نخرج منظمين، هادئين، مصممين. الذي يصرخ (يفش خلقه). خلَّنا لا (نفش خلقنا)، نكون عازمين على العمل، على النضال، على التحرك. (طولوا بالكم) لا تزعجوا إخوانكم!
قالوا السيد موسى يريد الرئاسة، يا سيدي، قبلما يكون المجلس الشيعي، أنا ورفاقي أسسنا المجلس الشيعي. أنا ورفاقي وضعنا رئاسة المجلس الشيعي، ما كان كرسيًا، حتى نتوصل إليه! لا أنت تريد.
أخذوا مع الأسف بعض السادة العلماء ترغيبًا أو ترهيبًا. هذا وعدوه بشيء، هذا خوّفوه من شيء… بدأوا يقولون من هنا وهناك. لا كرامتنا أفضل. لا نريد إلا حقوقنا فقط. رأوا أن هذا أيضًا (ما مشى الحال)… بدأوا يحكون عن الخلاف، الخلاف، الخلاف، الخلاف، الخلاف. وجماعة ثانية -مثل أوركسترا– المصالحة، المصالحة، المصالحة. ماذا يحدث يا جماعة؟ لا خلاف، والله، بالله لا خلاف. لا يوجد أحد… أنا في هذه الأمور وفي حقوق الطائفة أطلب حقوق الطائفة، والذي يسعى في سبيل تأمين حقوق الطائفة على الرأس والعين. لا، لأنه وجدوا الطلب جديًا، وجدوا الطلب جازمًا، فصاروا ينشرون أخبار الخلاف، وهناك، مع الأسف، أناس حسنو النية استُدرجوا في هذا البحث. وها أنا أعلن أمامكم وفي هذه الحفلة الكريمة، نحن طلاب حقّ، لسنا ضدّ أي إنسان، نطالب بحقنا، ولكن لا نتنازل عن حقنا أبدًا. نستمر… نستمر، نستمر للنهاية، شعارنا رفعه الحسين: ألا ترون أن الحق لا يُعمل به، والباطل لا يُتناهى عنه، فليرغب المؤمن في لقاء الله محقًّا. الحسين يقول عندما لا يُعمل بالحقّ ولا يُنهى عن الباطل، يموت الإنسان في سبيل حقّ، فنحن (ماشيين).
هذا اللقاء أكدّ أن هذه الطائفة قلبها واحد، وهذه المنطقة عينها ويدها واحدة. صف واحد وراء المطالبة، وأمام المطالبة دون أي انقسام ودون أي تخوف أو وجل، (ماشية) في هذا الطريق. وأكدّ أيضًا أن هناك الكثيرون من اللبنانيين، بل جميع اللبنانيين الشرفاء، معنا في هذا الموكب. لماذا؟ لأنهم لا ينسون، الله يشهد أنه ما أقول حتى أربِّح جميلًا، ما قلت إلا في هذا اليوم -أرجو السكوت يا إخوان- ما أقول إلّا حتى أؤكد التزامي ووفائي وتمسكي بهذا الوطن.
اللبنانيين لم ينسوا أيار عندما اشتعلت الفتن، كيف كنت أنا أنتقل من سورية لشارع صبرا، ومن شارع صبرا للقصر الجمهوري، ومن القصر الجمهوري لقيادة الجيش، ومن هناك للمخيمات، هنا وهناك، وأتعرض للموت كلّ يوم حتى أُطمئن أولاد الناس، حتى أُسهِّل مشاق الناس، حتى أُوفِّر أطفال الناس [كي] لا يموتوا.
شهد الله في تلك الليالي، ما كنت أقدر أن أقبّل ابنتي الصغيرة، وأنا أتذكر هذه البيوت التي تمطر عليها الصواريخ والرصاص، هناك أطفال صغار يموتون، وكنت في نصف الليل أقوم مثل المجنون، أنتقل من هذا البيت لهذا البيت، من هذه الجبهة لهذه الجبهة حتى نوفّر الأوضاع.
اللبنانيون الشرفاء لا ينسون. اللبنانيين يذكرون أنه سنة 70، عندما جاء 300 صحفي، وكانوا يقولون أتينا لكي نتفرج على احتضار لبنان، قلنا لهم: خسئتم، لبنان باقٍ رغم شماتة العدو، وجهالة الصديق، رغم تآمر المتآمر لبنان ثابت خالد. ويذكرون كيف انتقلت الخطابات والمؤتمرات إلى لجنة المتابعة، وبرزت إلى الرأي العام اللبناني وانتهى كل شيء.
يذكر اللبنانيين هذه الأمور، يذكرون الجهد، يذكرون الخطابات، يذكرون المصالحات، يذكرون المستوصفات، يذكرون المواقف خارج لبنان، يذكرون الرحلات، يعرفون أن موسى الصدر، أن رفاق موسى الصدر، أن طائفة موسى الصدر… هم المتمسكون في الدرجة الأولى بلبنان ويحفظون كيان لبنان، ويصونون لبنان. ويدفعون عن لبنان كلّ شر. حتى إذا كان هناك من غضبة فهي غضبة على مستقبل لبنان، صيانة لمستقبل لبنان، شفقة على المسؤولين في لبنان، الذين من سوء حظّهم وسوء حظّنا، يتصرفون متجاهلين متعاندين مستهترين، وليس الأمر في مصلحتهم. ولذلك، التضليل كان وسيبقى.
أيها الإخوة،
كل يوم تسمعون تشكيكًا أو اتهامًا. كل يوم تسمعون… لكن هذا التشكيك وهذا الاتهام دائمًا في الحركات الإصلاحية كانا موجودين. كبارنا وأئمتنا وقادتنا اتُهموا بالسحر، بالشعوذة، بالإلحاد. أمير المؤمنين (عليه السلام) اتُهم ولُعِن على المنابر 80 عامًا، كانوا يلعنون علي بن أبي طالب على المنابر، لأنه ألحد في دين الله. الحسين بن علي… قاضي الكوفة، قاضي القضاة، كتب قد خرج عن حدّه، قتل بسيف جده… الحسين بن علي. والآن يقولون عنّا أنه خرج عن حدّه السيد موسى، يجب أن يكتفي بالإيمان وبالصلاة صحيح. أنا أكتفي بالإيمان، لكن ما هو الإيمان؟
الإيمان ليس الإيمان الذي يدعم عروشكم، ويحفظ كراسيكم، ويُسكِّت الناس ويُصبِّر الناس، ليس هذا الإيمان، الإيمان في منطق القرآن: ﴿أرأيت الذي يكذب بالدين * فذلك الذي يدع اليتيم * ولا يحض على طعام المسكين﴾ [الماعون، 1-3[. الإيمان بالله هو الإيمان الذي يجعل الإنسان لا يرتاح أمام عذاب المعذبين: ما آمن بالله واليوم الآخر من بات شبعانًا وجاره جائع. هذا الإيمان الذي نفهمه. كيف أرتاح أنا وكلّ يوم في الجنوب قصف؟ كيف أرتاح أنا وكلّ يوم في ضواحي بيروت تشريد؟ كيف أرتاح أنا وكلّ يوم في هذه المنطقة مشكلة اجتماعية؟ كيف ممكن…؟ عليّ (عليه السلام) يقول: لا والله، ما خلقت كالبهيمة المربوطة همُّها علفها.
الإنسان الذي لا يبالي بالآخرين، هذا حيوان. نحن لسن حيوانات، نحن بشر. هذا إيماننا. نصلي؟ نعم. نكتفي بالصلاة؟ لكن أيّ صلاة مقبولة أيّها المؤمنون؟ الصلاة التي تبعد الناس عن الاعتراض؟ الصلاة التي تخدِّر الناس؟ الصلاة التي تمكنكم أيها المسؤولون من الاستمرار في غلوائكم وغيّكم؟ لا، هذه الصلاة ليست مقبولة. الصلاة المقبولة هي الصلاة المرتبطة بخدمة الآخرين: ﴿فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون * الذين هم يراؤون * ويمنعون الماعون﴾ [الماعون، 4-7[.
يعني أنت إذا تجاهلتَ شؤون جيرانك، صلاتك تُدخلك النار، ولا تدخلك الجنة. نعم، نحن لا نخرج عن حدودنا. لا نريد علوًا في الأرض ولا فسادًا، نريد خيرًا، نريد ممارسة إيماننا، نريد ممارسة إسلامنا، نريد الحق والخير. فإذًا، هذه هي المفاهيم الصحيحة.
وبعد، إلى أين؟ أعتقد أن هذه المجموعة الكريمة، وهذه الوجوه، وهذه المظاهر، في بلد ديمقراطي، أوضح دليل وأقوى سند على موقف الشعب الذي يجب أن يخضع أمامه الحكام. هذا المظهر، ونحن أمامنا بعض الاحتفالات الأخرى في الشمال وفي الجنوب وفي الهرمل وفي بيروت، ولكن كلمة الفصل موقفكم، كلمة الفصل اجتماعكم. أنا بعد فترة وجيزة، عندما تتمّ المحاسبات وتتهيأ الظروف سأبدأ، فيما هو من حقّي كرجل دين، وكفئة من الناس نبدأ بالأعمال السلبية. نبدأ وأنا سأصوم معتكفًا في أحد مساجد بيروت، وسأكون معكم في كل مجال. ونبدأ إذا ما سمع المسؤولون صوتكم هذا اليوم، إذا ما بدأوا بحوار جديّ لتلبية الطلبات، إذا ما استفادوا من الفرص المؤاتية لهم، وظلوا في طغيانهم وتجاهلهم، إذا استمروا في هذه الحالة نبدأ بالخطوات السلبية.
ماذا سيحصل؟ فليتحملْ المسؤولون مسؤولياتهم، نحن نريد خير لبنان وصيانة لبنان. وسأبقى في جميع العمر، ومدى الدهر جزءًا من ضمير هذا البلد، أصرخ في وجههم، وأقضّ مضاجع المسؤولين، وأوبِّخ ضمائرهم، إذا كان لديهم ضمائر، وأقول وأنصح طالما أن هناك إنسانًا واحدًا، شيعيًا أو غير شيعي، مظلوم في هذا البلد. وطالما أن هناك شبرًا واحدًا من هذا الأرض، مهملًا أو مظلومًا، وطالما أن هناك طغيانًا لفئة على فئة في هذا البلد.
لا يمكن أن نقبل على أنفسنا صفة الشيطان، الساكت عن الحق شيطان أخرس، هذا ديننا، هذه رسالتنا. ولى عهد الموالاة، راحت الأيام التي كان السيد موسى يحضر حفلات. كنا نحضر رغبة وأملًا في أن يسمعوا كلامنا، ولكن قلنا وقلنا على من تقرأ مزاميرك يا داوود؟ أبدًا. انتهى، انتهى ذاك العهد. مكاني بينكم، عرشي قلبكم، قوتي يدكم.
حارسي عيونكم، مشاريعي تنفذ بواسطتكم، مجدي اجتماعكم، ولائي ولاؤكم، عدوّي عدوّكم، صديقي صديقكم، يدي يدكم، لا أستبدل عنكم أحدًا في الدنيا ملكًا ولا رئيسًا ولا وزيرًا ولا كبيرًا ولا صغيرًا، أنتم مجدي.
هذه الأمور، أيها الإخوة الأعزاء،
نحن نقدّر ظروف المنطقة، ونقدّر ظروف الحرب، ونعرف الأوضاع والمطامع الإسرائيلية. تصرفنا تصرفًا رزينًا وهادئًا، نتحدث بأعصاب هادئة، وننظم في أوقات هادئة، ونتحرك تحركًا منطقيًا رصينا. لسنا (نفش) الخلق ولا (منرفزين) ولا عصبيين. تصرفنا تصرفًا منطقيًا سوف لا نخرج عن اتزاننا في نضالنا.
أيّها المتربصون بنا، سوف نخيِّب أحلامكم وآمالكم وظنونكم وتربصكم. هذا هو موقفنا: طلب حقّ، دافعه الإيمان وحبّ الوطن. وسيلتنا وسيلة سلمية متصاعدة مشروعة. نحاول بهذه الوسائل وبهذه التضحيات، أن نذكِّر، نستنجد بكافة اللبنانيين. اللبنانيون الذين كانوا يعيشون ليالٍ قلقة، حتى إذا برز السيد موسى على التلفزيون ويُطَمْئِن، ينامون مرتاحين. وسأبقى إن شاء الله في خدمة لبنان، وفي صيانة هذا الوطن، لأن هذا الوطن ليس ملكًا لأحد.
الوطن للجميع، نذوب ونحافظ على وطننا. ولكن حقوقنا نريدها. حقوقنا معروفة.
حقوقنا مسجلة واضحة واضحة، حقوقنا منشورة. لا يقبل الكريم ولا المواطن الشريف ولا المراقب الشريف… لا يقبل إطلاقًا بهذا التضعيف. العالم أدان جنوب إفريقيا. جنوب إفريقيا تمارس التمييز العنصري، العالم رفضها. نحن لا نقبل التمييز الطائفي، نحن أبناء وطن واحد، نحن أبناء عليّ والحسين، أبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون ونفوس أبية، لا نقبل التمييز ولا نسكت.
نريد منكم أيها الإخوة الأعزاء في هذه البقية الباقية من هذه الفرصة، الإيضاح واجتذاب اللبنانيين جميعًا إلى صفوفكم. وكلما كثر عددكم قلّ تعبكم. إيضاح الحقيقة. لا نريد طغيان على أحد. لا نقول خذوا حقًّا واحدًا أعطوه لنا… أبدًا. نقف إلى جانب المظلومين أينما كانوا طلابًا أو معلمين أو عمالًا. وقد شاهدتمونا مع المعلمين ومع الطلاب ومع المساجين ومع العمال وسنبقى معهم. لا نريد ظلمًا… أوضحوا للناس. هذا واحد.
ثانيًا، كونوا منضبطين لأن الانضباط وانتظار الكلمة الموحدة هو سبب النجاح، وها أنا أمامكم أحلف بالله العظيم -ولا يمين مع الله- وأعني ما أقول، أحلف بالله العظيم أن أتابع هذه المسيرة مهما كلفت من تضحيات حتى ولو طلبت روحي وحياتي.
بعثوا لكم من الأشجار هدايا، هدايا بعثوا لكم من الأشجار، الأشجار الرفيعة معكم، تبعث لكم العصا لمحاربة الأعداء.
أنا أحلف بالله العظيم، (طوّل بالك يا أخي! طوّل بالك) أحلف بالله العظيم أنني مع رفاقي سنتابع هذه المسيرة، وسنبقى ندافع ونشد ونضغط ونناضل طالما أن في لبنان مظلومًا واحدًا، شيعيًا كان أو غير شيعي، وشبر أرضٍ مهمل.
سأبقى في هذا الطريق وأحلف بالله العظيم على ذلك، وأطلب منكم يا خمسة وسبعين ألف، يا مئة ألف، يا مئة وعشرين ألف، أيها الحضور، أيها المواطنون الشرفاء الغائبون الذين تعيشون معنا وتنتظرون أخبارنا، أطلب منكم جميعًا أن تحلفوا بالله العظيم.
سأعطي الصيغة (طوّلوا بالكم!) أن تحلفوا بالله العظيم، اسكتوا هذا الصوت يا أخي! يا أخي! تحلفوا بأنكم ستتابعون هذه المسيرة دون مساومة. كما أني أحلف بالله العظيم أن لا أساوم، لا الرئاسة ولا ألف رئاسة كلها تحت أقدامكم، وكلها… أقصد رئاسة المجلس الشيعي ها فقط في هذا النحو.
سوف أبقى معكم دون تضليل، نستمرّ في هذا الخطّ. ولا نقبل عن ذلك بديلًا، وأنتم تحلفون أن لا تخضعون للتشكيك ولا للتضليل، سيقال لكم الكثير الكثير. ولكن أقول لكم ما قال نبينا وسيدنا محمد وقد لبثت فيكم عمرًا -سامحكم الله- اثنا، أربعة عشر سنة بينكم هل وجدتم يومًا أطلب منكم مالًا أو جاهًا أو مصلحةً خاصة؟ ولكن سيتعاظم التضليل والتشكيك. حافظوا على وعيكم، واستمروا على مسيرتكم، وابقوا في هذا الخطّ. وسوف أنشد صيغة اليمين حتى نحلف جميعًا هذه الصيغة، ويكون هذا اليمين ميثاق شرف وميثاق دين بيني وبينكم، بيننا وبين الوطن، بيننا وبين الأجيال التي ستأتي، بيننا وبين المسؤولين حتى نحدد موقفنا. ارفعوا أياديكم، اتجهوا نحو القبلة:
نحلف بالله العظيم، وبالنبي الكريم، وبشرف الإنسانية، نحلف بالله العظيم أن نستمر في طريق مطالبة حقوق الطائفة، نطالب ونصرّ، ونستمر ونشدد دون خوف ولا وجل ولا تراجع ولا مساومة. وسنقف مع كل مظلوم ومع كل ضعيف، ولا نرجع عن ذلك ولا نضعف ولا نتوانى ونكون في خطّ نبينا الذي يقول: والله، لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركت أو أموت دونه.
هذا ميثاقنا، وشرفنا، ودمنا وعرضنا، ومستقبل أولادنا، وصيانة وطننا. سنبقى في الخط وسنوحد جهودنا، وننسق مواقفنا شهداء في سبيل الله، والله على ما نقول شهيد، وملائكته شهداء، وأنبياؤه شهداء، وأرواح الشهداء والصديقين والصالحين، وعباده الطيبين يشهدون على ذلك. سنبقى إلى جانب الحق وإلى جانب الوطن نخاصم أعداءه، نخاصم إسرائيل ونخاصم أصدقاء إسرائيل ونخاصم من وراء إسرائيل والله على ما نقول شهيد.

فإلى اللقاء أيها الإخوة المؤمنون.

المصدر : مركز الإمام الصدر للدراسات والبحوث

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى