موقع عبري : سكان من جنوب لبنان يبلغون الجيش اللبناني عن مخابئ اسلحة الحزب …

ترجمة موقع قلم حر :
كشفت مصادر عسكرية لبنانية وإسرائيلية لشبكة الحرة الإخبارية الأميركية تفاصيل مثيرة عن آلية تنسيق معقدة و”غير مباشرة” تشكل خط دفاع أخير لمنع اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل ولبنان.
هذه الآلية، التي يشرف عليها ضباط أميركيون، وتضم ضباطاً فرنسيين وضباطاً من اليونيفيل، ليست جديدة تماماً، لكن فعاليتها زادت بشكل كبير منذ اتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي.
ويلعب الضباط الأميركيون دوراً محورياً في هذه الآلية، وفقاً لمصدر عسكري إسرائيلي مطلع.
يدير هذه الآلية ضباط أمريكيون متمركزون في القيادة الشمالية لجيش الدفاع الإسرائيلي. ويعمل هؤلاء الضباط كـ”ضباط اتصال” لتبادل المعلومات الحساسة مع الجانب اللبناني. ومنذ إعلان وقف إطلاق النار، تم تبادل مئات إحداثيات المواقع العسكرية ومستودعات الأسلحة التابعة لحزب الله.
وقد حدث كل ذلك نتيجة للتحولات الاستراتيجية في طريقة تعامل جيش الدفاع الإسرائيلي مع حزب الله في لبنان بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
بحسب يوسي كوبرفاسر، الرئيس السابق لدائرة أبحاث الاستخبارات الإسرائيلية، قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول، كانت إسرائيل “حذرة للغاية” بشأن شن أي عملية داخل لبنان، مفضلةً مهاجمة شحنات الأسلحة الإيرانية في الأراضي السورية. لكن الوضع تغير تمامًا: “اليوم، وبفضل الاتفاق الذي أبرمناه مع لبنان، نسمح لأنفسنا بالتصدي لأي محاولة من حزب الله لإعادة تنظيم صفوفه في الجنوب. لا نتردد في اتخاذ أي إجراء”، كما يقول.
من جانبها، أشارت مصادر عسكرية إسرائيلية إلى أن الجيش اللبناني، وخاصة وحداته الهندسية، “أظهر كفاءة عالية في التعامل مع المعلومات التي تلقّتها من الإسرائيليين عبر الآلية، وتفكيك هذه المواقع وتدميرها خلال ساعات أو أيام”. وتضيف المصادر أن هذا الأداء يحظى بتقدير كبير من إسرائيل، ويشكل عاملاً أساسياً في منع أي هجمات إسرائيلية واسعة النطاق على الأراضي اللبنانية.
إلا أنه أوضح أن إسرائيل تحتفظ بحق التدخل المباشر إذا تأخر الجيش اللبناني في معالجة الأهداف “ضمن فترة زمنية معقولة”.
التنسيق على أساس القرار 1701
وأكد مصدر عسكري لبناني هذه المعلومات، وقال لشبكة “الحرة” إن هذه الآلية موجودة منذ تطبيق القرار 1701 عام 2006. وأشار المصدر إلى أن التواصل يتم عبر الآلية من دون أي اتصال مباشر أو لقاءات بين الجانبين، مؤكداً أن الآلية تعمل كوسيط.
يشير المصدر اللبناني إلى أن الجيش اللبناني يتلقى معلوماته من الآلية نفسها، وأحيانًا من قوات اليونيفيل. إلا أن هناك مصدرًا ثالثًا للمعلومات ازداد أهمية مؤخرًا، ألا وهو سكان جنوب لبنان.
ويقول المصدر إن الخوف من قصف أراضيهم أو منازلهم أو انفجار أسلحة مخزنة بطريقة غير آمنة دفعهم إلى الإبلاغ بشكل مباشر وسرّي عن وجود أسلحة لحزب الله إلى الجيش اللبناني.
وقلل المصدر اللبناني من أهمية التقديرات الإسرائيلية بشأن كمية الأسلحة التي تم تدميرها أو الاستيلاء عليها.
أفادت مصادر إسرائيلية لـ”الحرة” أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تُقدّر تراجع القدرات العسكرية لحزب الله بنسبة 75%، مع تقلص ترسانته المتبقية من الأسلحة، والمتمثلة في الصواريخ والقذائف، بشكل ملحوظ. إلا أن هذه الترسانة أصبحت “غير فعّالة بشكل ملحوظ” نتيجة الهجوم على هيكلها القيادي.
أوضح مصدر في الجيش اللبناني أن معظم الأسلحة التي صادرها الجيش اللبناني في حالة سيئة نتيجة هجمات سابقة على الأنفاق، مما يجعل التعامل معها محفوفًا بالمخاطر. وقد أدى هذا الوضع بالفعل إلى إصابة ومقتل جنود لبنانيين أثناء محاولتهم نقلها إلى مواقع أخرى في جنوب لبنان.
التأثير على قدرات حزب الله
بالتوازي مع هذه الآلية، تُنفّذ إسرائيل غارات يومية على مواقع حزب الله، تُسفر عن مقتل شخص أو أكثر في المتوسط، كما تُهاجم مواقع تُصنّفها “تهديدًا مُباشرًا”. ووفقًا للمصدر الإسرائيلي، ألحقت هذه الهجمات أضرارًا بالغة بمنظومة القيادة والسيطرة للمنظمة، مُضعفةً قدرتها على التنسيق على الأرض وإطلاق وابل من الصواريخ في وقت واحد.
وتضيف المصادر الإسرائيلية أن الهجمات استهدفت جميع مستويات المنظمة، بما في ذلك القيادة العليا المعينة حديثًا، بعد مقتل معظم أعضاء القيادة السابقة في هجمات مستهدفة عطلت ما وصفه حزب الله بـ “توازن الرعب”.
ويوضح كوبرفاسر أن إسرائيل قتلت أكثر من 250 عنصراً من حزب الله منذ وقف إطلاق النار، معظمهم كانوا في طريقهم إلى الجنوب أو وصلوا إلى هناك بالفعل، في انتهاك واضح للاتفاق.
وأضاف الخبير العسكري الإسرائيلي أن “حقيقة أننا اضطررنا إلى القضاء على كل هؤلاء العناصر تقول الكثير عن تصميم حزب الله على إعادة التسليح وإعادة الانتشار في الجنوب”.
تؤكد مصادر إسرائيلية أن الصراع لا يقتصر على البعد العسكري فحسب، بل يشمل، بحسب المصدر الإسرائيلي، إلحاق أضرار اقتصادية واجتماعية بمؤسسات تابعة لحزب الله، مثل جمعية القرض الحسن، في محاولة لتجفيف مصادر تمويلها.
وفيما يتعلق بخطوط الإمداد، ترى المصادر أن شبكات التهريب عبر سوريا تراجعت بشكل كبير، وأن “المحور الإيراني” الذي كان يربط طهران ببيروت عبر دمشق “كاد أن ينهار” بعد سقوط نظام الأسد.
رغم هذه التطورات، يبقى جيش الدفاع الإسرائيلي مستعدًا لأي سيناريو. ووفقًا لمصادر إسرائيلية، فإن “كل من يشارك في نشاط عسكري ضد إسرائيل سيكون هدفًا مشروعًا، وما سيحدث بعد السابع من أكتوبر لن يكون كما حدث قبله”.
من جهة أخرى، يؤكد المصدر اللبناني أن العمل جنوب نهر الليطاني قد وصل إلى مراحل متقدمة نحو إنشاء منطقة منزوعة السلاح، مما يؤكد فعالية الآلية المشتركة في هذه المنطقة. في غضون ذلك، لا تزال الأمور شمال نهر الليطاني غامضة تمامًا.





