اسرائيل تلمح لقصف السد العالي واغراق مصر !

تصاعدت حدة التوترات في المنطقة بعد نشر موقع “نزيف” الإسرائيلي سيناريو افتراضي يُحاكي استهداف السد العالي في مصر، الأمر الذي أثار موجة غضب واسعة في الأوساط المصرية والعربية.
يأتي هذا التهديد المبطّن في ظل تزايد الضغوط الأمريكية على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للقبول بخطة تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء، وهي الخطة التي يسعى دونالد ترامب وحكومة الاحتلال إلى فرضها على القاهرة والأردن، وسط رفض عربي متزايد.
وفقًا لما نشره الموقع العبري، فإن أي استهداف للسد العالي سيؤدي إلى انهيار هيكله، ما سيتسبب في فيضانات هائلة تغمر المدن والقرى على طول نهر النيل. السيناريو الذي تم بناؤه باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، يوضح أن ملايين الأمتار المكعبة من المياه ستندفع بقوة هائلة خلال دقائق، ما سيؤدي إلى تدمير المنشآت الحيوية، والقواعد العسكرية، والبنية التحتية في مصر. كما توقع التقرير أن تتراوح الخسائر البشرية بين 1.7 و10.5 مليون قتيل، مع دخول مصر في حالة طوارئ شاملة تشمل فقدان الكهرباء وتعطل أنظمة النقل والاتصالات، ما قد يشلّ البلاد بالكامل.
ورغم أن التقرير ادّعى أن السيناريو “افتراضي” ولا يعكس نية حقيقية لدى إسرائيل لضرب السد العالي، إلا أن توقيت نشره جاء في مرحلة تشهد فيها مصر ضغوطًا غير مسبوقة من واشنطن وتل أبيب، ما جعل الكثيرين يفسرونه كرسالة تهديد ضمنية تستهدف دفع القاهرة للرضوخ لمطالب الإدارة الأمريكية بشأن خطة التهجير القسري للفلسطينيين.
أثار التقرير الإسرائيلي غضبًا واسعًا في مصر، حيث اعتبره كثيرون محاولة لابتزاز القاهرة وإجبارها على قبول مخططات التوطين التي تسعى واشنطن وتل أبيب لفرضها. وتفاعل نشطاء مصريون عبر منصات التواصل الاجتماعي مع السيناريو المفترض، مؤكدين أن مثل هذه التهديدات تكشف حقيقة الأطماع الإسرائيلية في المنطقة، وأن الاحتلال لن يتوانى عن استخدام أي وسيلة لفرض هيمنته على الدول العربية.
كما عبّر عدد من الخبراء والمحللين عن استيائهم من نشر مثل هذه التقارير في هذا التوقيت الحساس، مؤكدين أن إسرائيل تدرك جيدًا أن أي استهداف مباشر للسد العالي سيكون بمثابة إعلان حرب مفتوحة مع مصر، وهو ما لا يمكن أن تتحمله تل أبيب، خاصة في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية الحالية.
في المقابل، حاول مسؤولون مصريون التقليل من أهمية التقرير، مؤكدين أنه “افتراضي بحت” ولا يُؤخذ بعين الاعتبار على المستوى الاستراتيجي أو العسكري. وصرح اللواء أسامة محمود، الخبير العسكري والمستشار بكلية القادة والأركان، أن مثل هذه السيناريوهات لا تعكس أي نوايا حقيقية، وأن إسرائيل تعلم جيدًا أن أي استهداف للسد العالي سيقابل برد مصري عنيف قد يؤدي إلى اندلاع مواجهة إقليمية غير محسوبة العواقب.
وأكد اللواء أن الجيش المصري يمتلك قدرات دفاعية متطورة لحماية منشآته الحيوية، وأن أي محاولة للمساس بأمن مصر المائي ستُقابل بإجراءات حاسمة من القيادة المصرية. وأضاف أن هذه التقارير قد تكون جزءًا من حملة حرب نفسية تستهدف الضغط على القاهرة وإجبارها على اتخاذ قرارات تتماشى مع المصالح الإسرائيلية والأمريكية.
يأتي نشر هذا السيناريو في وقت تتعرض فيه مصر لضغوط هائلة من إدارة ترامب، التي تحاول فرض مخطط تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، وهو ما ترفضه القاهرة علنًا حتى الآن. إلا أن مراقبين يرون أن قدرة مصر على مقاومة هذه الضغوط قد تكون محدودة، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تواجهها البلاد، واعتمادها الكبير على المساعدات الأمريكية التي تصل إلى 1.4 مليار دولار سنويًا.
ويرى البعض أن تصريحات السيسي المتكررة حول رفضه للوطن البديل قد لا تكون كافية لإيقاف هذه المخططات، خاصة مع وجود محاولات لإيجاد صيغة توافقية قد تضمن تنفيذ الخطة بطريقة غير مباشرة، وهو ما يثير مخاوف المصريين بشأن مستقبل بلادهم، ودورها في حماية القضية الفلسطينية.
يبقى التساؤل المطروح: هل يمثل هذا السيناريو تهديدًا حقيقيًا لمصر أم أنه مجرد جزء من حملة ضغط نفسي تستهدف إخضاع القاهرة للقرارات الأمريكية؟ مهما كانت الإجابة، فإن التلويح بضرب السد العالي يكشف عن مدى التصعيد الذي قد تلجأ إليه إسرائيل في سبيل تحقيق أهدافها، ويضع مصر أمام تحدٍّ مصيري يتطلب موقفًا حازمًا لمنع أي محاولات للمساس بسيادتها وأمنها القومي.