مقالات

كتابٌ مفتوحٌ إلى سماحة شيخ الأزهر بقلم علي خيرالله شريف

كتابٌ مفتوحٌ إلى سماحة شيخ الأزهر
بقلم علي خيرالله شريف _ جبل عامل _

نتوجه إليكم يا سماحة الشيخ مع كل احترامنا لمقامكم وما تُمَثِّلون.

ومن خلالكم نتوجَّهُ إلى كل علماء المسلمين، الذين يلتزمون الصمت ولا يحركون ساكناً للدفاع عن أطفال غزة وهم يُذبحون وَيُقَطَّعون أشلاء، ويُفَجَّرون بالمئات، وَيُجَوَّعون ويُشَرَّدون ويُدفَنون بالجرَّافات.

أتوجه إليكم بصفتي من عامة المسلمين. واسمحوا أن أخاطِبَكُم دون ألقابِ التقديس والتفخيم، لأن كل القداسات والفخامات سقطت أمام مشهد الدماء والأشلاء في فلسطين. حوالي ثلاثة آلاف مجزرة بحق أطفال أهل السنة والجماعة في غزة والضفة الغربية.

لو كان أهل غزة يا سماحة شيخ الأزهر، من الشيعة لَكُنَّا رُبَّما عذرناكم في ردة فعلكم التي تقتصر على بيانات الإدانة والتنديد. ولكنهم من أقحاح أهلِ السُّنَّةِ والجماعة، و٩٩٪ منهم يتبعون المذهب الشافعي، الأكثر انتشاراً في مصر، وليس فيهم شيعيٌّ ولا رافضيٌّ ولا “فارسيٌّ” ولا “مجوسي”، ولا أحدٌ منهم يَسُبُّ الصحابة. وَكُلُّهُم يتكتفون أثناء الصلاة، ولا يقولون “حي على خير العمل” في الأذان، ولا يشهدون “أن علياً ولي الله”.

وليس على علمنا أن في جامعة الأزهر من يُكَفِّرُهُم أو يَهدُرُ دَمَهُم، كما فعل ابنُ تَيمِيَّة عندما كَفَّرَ غيرَهم وأحلَّ قتلهم، وما زالت ممالك الخير تسعى وتبذل الأموال لتنفيذ الفتوى فيهم. إلا إذا كان لكم تصنيف جديد لأهل غزة فكفرتموهم ثم اعتبرتم أن يهود إسرائيل هم أهل السنة والجماعة بدلاً عنهم.

نحن لم نتعود على التفريق بين المذاهب، ولكن موضة التكفير أفسدت حُسنَ الظَّنِّ عندنا. وسوءُ ظَنِّنَا ليس في المذاهب الأخرى بل في نوايا البعض التكفيرية، لشدة ما كَفَّرونا، مع أننا لم نعبد قط، إلا الله، ولم نتبع إلا رسولَهُ وآلَ بيته الأطهار، ولم نتَّخِذ كتاباً إلا القرآن، ولا قضية لنا إلا تحرير فلسطين. والأجملُ من كل ذلك، أن أكثر من يساند أهلَ غزة هم أهلُ الشيعة، إذ لم يتلكؤوا في تقديم الشهداء من أجل نُصرَتِهِم، ولا نسمع منهم ما يدل على أنهم يُصَنِّفونهم مذهبِيّاً.

تتشَوَّقُ القدسُ الـمُغتَصَبة لسماعك تُحَرِّكُ ساكِناً من أجلها، ليس بالبيانات يا سماحة الشيخ، بل بإضرام نار الثورة انطلاقاً من الأزهر الشريف وصولاً إلى كل أنحاء مصر.
أنتم الأولى باقتلاع باب معبر رفح وكسر الحصار على غزة بطوفانٍ شعبيٍّ مصريٍّ يجرفُ الاحتلال والعملاء والبَوّابين على باب المعبر، لأنكم أنتم الأقرب مسافةً، والأكثر عدداً وقدرةً على تنفيذ ذلك.

ألم يطفحِ الكيلُ عندكم بعدُ يا سماحة شيخ الأزهر؟
ألم تقُل لنا أن القدسَ هي نفسها التي فتحها الخليفة عمر بن الخطاب عام ١٦ للهجرة؟ وأن صلاح الدين الأيوبي استعادها من الصليبيين عام ٥٨٣ للهجرة أيضاً؟ أليس هذه القدس نفسها هي التي تحتضن المسجد الأقصى مسرى النبي(ص) من بيت الله الحرام، ومعراجه إلى السماء؟

أين أنتم من قول الرسول(ص) إن المؤمنين في توادِّهِم وتراحُمِهِم كالجَسَدِ الواحِدِ إذا اشتكى منه عُضوٌ تداعت له سائر الأعضاء بالحُمَّى والسَهَر؟ ونراكم تسكتون عن قتل الصهاينة للمسلمين اليوم كما سكتتم عن قتل داعش لهم، فلا تتحركون إلا بالبيانات الرخوة، التي لا أثرَ لها ولا تأثير.

هل ما زلتم في مصر تتبعون مذاهب أهل السنة أم أنكم استحدثتم مذهباً جديداً اسمه “كامب ديفيد”  وقِبلَتُهُ البيت الأبيض وحيطان المبكى؟

كيف تنام يا سماحة شيخ الأزهر والفلسطينيون لا يجدون قوتَ يومهم، ولا تصلُهم جرعةُ ماءٍ يكسرون بها عطشهم؟

هل نسيتَ أن في الإسلامٌ باباً يُسَمَّى “الجهاد المقدس” يُدعى إليه للدفاع عن حياضِ الـمُسلمين؟

في فمنا ماءٌ يا سماحة شيخ الأزهر، وفي فمك بيانات الإدانة والاستنكار، التي لا تسمِنُ ولا تغني من جوع.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى