مقالات

بعد مرور عام على الحرب متى سيلجم الأسد الجريح العدوان على لبنان ؟

بداية يجب ان نقر ان حز.ب الله اصيب بجرح كبير على اثر انفجارات البايجرز التي تمكن الموساد من تفخيخها وادخالها الى لبنان ومتابعة توزيعها على خبراء عسكريين اكتسبوا خبرات قتالية كبيرة من خلال الحروب التي قاموا بها ضد اسرائيل نفسها ومن ثم داخل سوريا في محاولة منهم لحفظ خطوط امداد المقاومة وحمايتها او في مناطق اخرى تطلب الواجب وجودها …

فليس سهلا على اي حزب او حركة مقاومة ان تخسر خلال وقت وجيز ودفعة واحدة نحو ٣٠٠٠ مقاتل بين شهيد وجريح . وليس سهلا اطلاقا ان تنجح اسرائيل في اغتيال الأمين العام الرمز للحزب السيد حسن نصر الله ثم اغتيال خليفته الأمين العام السيد هاشم صفي الدين في بدايات الحرب اضافة الى تمكنها من استهداف قيادات مؤسسة ومؤثرة في الحزب كأبو علي كركي و فؤاد شكر وابراهيم عقيل وغيرهم من قيادات الصف الأول . خلال فترة وجيزة تحول الحزب الى اسد جريح ولم يتوقف العدوان الإسرائيلي عند استهداف قيادات الحزب ومقاتليه بل امتد العدوان ليشمل المدنيين في مناطق مختلفة من لبنان وحيثما تواجدت البيئة الحاضنة للمقاومة سواء اكان في عاليه او الشوف او بلاد جبيل او عكار او حتى العاصمة بيروت ،ولم يقتصر العدوان على تدمير منشآت المقاومة فقط انما امتد ليشمل مؤسسات ومباني مدنية كالمستشفيات وسيارات الإسعاف وبدأت تركتب المجازر بحق الٱمنين والأبرياء .

بدأ الأسد الجريح يلملم جراحه تحت ثقل العدوان وبدأ يرد بعمليات نوعية استهدفت العمق الإسرائيلي حتى انها استهدفت منزل رئيس وزراء العدو بنيامين نتناهو كما استهدفت مركزا للجيش الإسرائيلي وقضت على العشرات من جنوده كانوا يجلسون داخل احد المطاعم المحصنة …

امام هول ما ارتكبته اسرائيل من مجازر بحق المدنيين اللبنانيين وبعد الضربات الموجعة التي قام بها الحزب حصلت وساطة ومفاوضات برعاية فرنسية اميركية افضت الى وقف لإطلاق النار ، واتفق على تنفيذ قرار الأمم المتحدة رقم ١٧٠١ المتضمن انسحاب اسرائيل من المناطق التي احتلتها وينتشر الجيش اللبناني بالتعاون مع جنود الأمم المتحدة حتى الحدود الدولية المعترف بها بين لبنان وفلسطين المحتلة ، ولكن اسرائيل بعد اتفاق وقف اطلاق النار دخلت الى مناطق لبنانية لم تستطع دخولها وقت الحرب كمارون الراس وبنت جبيل والناقورة ووصولا الى الخيام واخذت تعمل على تجريف القرى وهدمها وتسوية المنازل والمؤسسات والمدارس والمستشفيات بالأرض في وجه من وجوه البربرية التي لم يشهد لها العالم مثيلا من قبل في ظل الأمم المتحدة .

المقاومة لم تطلق رصاصة واحدة اتجاه اي جندي اسرائيلي واحتفظت لنفسها بالصبر الإستراتيجي ووقفت خلف الدولة اللبنانية لإستعادة الأراضي اللبنانية المحتلة بالوسائل الدبلوماسية واعادة الإعمار وسهلت وصول رئيس الجمهورية جوزاف عون الى قصر بعبدا كما سهلت وصول نواف سلام الى رئاسة الحكومة وسهلت انطلاق الحكومة على اساس بيانها الوزاري . ولكن اسرائيل لم توقف عدوانها فاستمرت في عمليات الإغتيال الوحشية حتى زاد عدد الشهداء من لحظة اعلان وقف اطلاق النار وحتى يومنا هذا ما يزيد على ٢٠٠ شهيد .

فُرضوا حصارا على المقاومة جوا وبحرا وبرا ، وضيق الخناق ماليا وعسكريا وسياسيا واعلاميا واجتماعيا ، وأثيرت النعرات الطائفية والمذهبية والمناطقية وخاصة من حزب القوات اللبنانية التي تتماهى مطالبها مع المطالب الإسرائيلية بدعم اميركي سعودي ، ومنعتها الحكومة السلامية من استدراك الأموال من ايران للمساعدة في اعادة اعمار القرى والمدن التي تهدمت وتضررت من العدوان …

بعد مرور عام كامل على العدوان والمحاولات والمساعي الحثيثة ليلا ونهارا لضرب المقاومة وازالتها من المعادلة الدولية واللبنانية فهل هذا الأسد الجريح رمم قدراته ؟

نعم , نستطيع ان نقول ان الأسد الجريح رمم قدراته وهي دائما في حالة التعافي المضطرد ، ولكن هل بات بإمكانها خوض حرب جديدة ؟

واقع الحال يدل ومن خلال تصريحات قادة المقاومة السياسية ان المقاومة باتت جاهزة للتصدي لعدوان جديد وافشال احتلال اراضي لبنانية كما يحصل اليوم في سوريا العاجزة عن مواجهة الإحتلال الإسرائيلي لجزء كبير من اراضيها ، ولكنها اي المقاومة تراقب عن كثب تساقط الحلفاء الطفيليين الذين اغتنوا من لحمها ودمها لترى الى اي درك تساقط هؤلاء الحلفاء المخادعين كما تراقب كل شاردة وواردة على الأراضي اللبنانية لتحمي ضهرها من خيانات محتملة ، وما يمنعها من الرد على الإعتداءات الإسرائيلية ليس ضعفها وعجزها ولكن رحمة بأبناء بيئتها من المدنيين الذين ستستهدفهم اسرائيل كما فعلت خلال حروبها الدائمة والمستمرة وخاصة في الحرب الأخيرة اذا قتلت من المدنيين الٱمنين ما قتلت ودمرت من الأهداف المدنية ما دمرت كما ذكرنا ( فالبيئة هي اليد التي تؤلم المقاومة ) ، فالمقاومة اليوم تضحي بأبنائها الذين يغتالون كل يوم وتصمت حرصا على مجتمعها وبيئتها المقاومة الحاضنة ، ولو كانت اسرائيل تكتفي بإستهداف جندي مقابل جندي ومركزا مقابل مركز وجنبت المدنيين نيران حقدها ولؤمها لكانت المقاومة بادرت بالأمس قبل اليوم لفتح جبهتها للجم العدوان المتمادي .

ارى انه بات واجبا على الرؤوس الحامية من اللبنانيين التي تتماهى مع العدوان الإسرائيلي ان تلتلزم الصمت حرصا على لبنان من اي اقتتال داخلي ، لا بل عليها ان تسعى بإمكانايتها لردع العدوان ، فحماية لبنان لم ولن تكن في يوم من الأيام حكرا على طائفة او حزب انما هي مشرعة لكل اللبنانين سواء اكان بالإمكانيات السياسية او العسكرية . لعل هذه الطريقة الوحيدة التي ستجنبهم في المستقبل القريب ان تقلب المقاومة الطاولة على رؤوس الجميع ، فصبرها لن يكون الى ما لا نهاية ان اجبرت على خوض الحرب الوجودية .

خيارات المقاومة في التصدي للعدو الإسرائيلي باتت كثيرة و في متناول اليد وهي تنتظر الفرصة المناسبة ولن تحتفظ بحق الرد في الزمان والمكانين المناسبين الى الأبد .

موقع قلم حر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى