السفير الفرنسي يتحدث عن : ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا , اليونيفل , جنوب الليطاني وسلاح حز-ب \الله ومؤتمر دعم لبنان .

مقتطفات من مقابلة اجرتها دنيز رحمة فخري مع السفير الفرنسي في لبنان هيرفيه ماغرو :
ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا :
يقرّ ماغرو بأن موضوع الحدود بين لبنان وسوريا يشغل بلاده يومياً. بالنسبة له مسألة استقرار سوريا ولبنان تحتاج إلى استتباب الأمن على الحدود المشتركة بين البلدين. يضيف، “كما تعلمون، لقد سلمتُ مجموعة من الخرائط التاريخية حول الحدود بين سوريا ولبنان إلى وزير الخارجية اللبناني (يوسف رجّي)، ونحن نقوم بالخطوة ذاتها مع الجانب السوري، وهناك الكثير من الوثائق المتوافرة، لأننا نعتقد أنه من الضروري اليوم أن نتمكن من التقدم في ترسيم الحدود، وما ألاحظه هو أن كلا البلدين أبديا رغبة في العمل على هذه المسألة في الوقت المناسب لحل مشكلة تعود تقريباً إلى زمن تأسيس الدولتين”.
ويعتبر أنه من المهم البدء دائماً من نقطة تاريخية والنظر أين كانت تقع هذه الحدود في ذلك الوقت. ويشرح أن محادثات جرت في السنوات الماضية بين البلدين، وهناك مجموعة من الخرائط والوثائق التي يجب دراستها من أجل الوصول إلى تقييمٍ قانوني، انطلاقاً من الأعمال التي أُنجزت سابقاً، كون مسألة الحدود تخضع للقانون الدولي. “لكن الطريق لا يزال طويلاً أمامنا” يتابع ماغرو، “لأن المناقشات السابقة لم تذهب بعيداً جداً، ولذلك لا بد من بذل جهد كبير من كلا الجانبين للتقدم في هذه المسألة الأساسية”.
الموقف الفرنسي من حزب الله :
خلال استقباله الرئيس السوري أحمد الشرع في قصر الإليزيه قال الرئيس ماكرون إنه “يجب استمرار التصدي لـ ‘حزب الله’ في لبنان”، وعن هذا الموقف يشرح السفير ماغرو، “موقفنا كان دائماً واضحاً جداً في ما يتعلق بـ ‘حزب الله’، وكنا دائماً نميّز بين الجناح العسكري والجناح السياسي الذي يملك تمثيلاً في البرلمان”. ويتابع “أعتقد أن الرئيس ماكرون، في سياقٍ صعبٍ كما نعرف، وفي ظل الدور الذي لعبه الجناح المسلح للحزب في القضية السورية، أراد أن يذكّر بأن ما يهمنا اليوم هو استقرار سوريا، ولكن أيضاً، ونتيجة لذلك، مساعدة لبنان على اغتنام الفرصة التي توفرها له الأوضاع الحالية، بعد انتخاب الرئيس جوزاف عون وتعيين حكومة إصلاحية، للتقدم كذلك في الملف اللبناني”.
أما عن تفهم فرنسا للموقف اللبناني المتريث في تنفيذ قرار حصر السلاح بيد الدولة، على عكس الموقف الأميركي، يجيب “نحن ندعم الرئيس عون، وقد قلنا ذلك منذ البداية، نحن نؤيد السياسة التي يقودها، ونعتبر أن من حق اللبنانيين، والرئيس عون والحكومة أيضاً، أن يحددوا الاستراتيجية التي يجب اتباعها. لقد ذكر الرئيس عون ورئيس الوزراء نواف سلام في مناسبات عدة أن احتكار السلاح يجب أن يعود إلى الدولة اللبنانية، ونحن نؤيد هذا الموقف والطريقة التي يتقدمان بها في هذا الشأن”.
الموقف الفرنسي من سلاح حزب الله
عن تقييمه لما نفذته الحكومة حتى الآن على صعيد حصرية السلاح، يرى ماغرو أن “الحكومة تقوم بأعمال أكثر مما يُقال وما يُرى”، وأنها “أنجزت الكثير بعد تجاوزها حاجز المئة يوم”، مؤكداً أنه يرى ذلك من خلال ما يحدث على مستوى آلية لجنة مراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار، وكذلك من خلال قوة “اليونيفيل”، اللتين تشارك بهما فرنسا. ويضيف أن “الجيش اللبناني قام بعمل كبير في جنوب البلاد، العمل لم يكتمل بعد ولكن ما نراه منذ أشهر عدة هو تصاعد في قدرات الجيش اللبناني في الجنوب، ونحن نسير فعلاً في الاتجاه الصحيح، وأعتقد بصدق أن الأميركيين يدركون ذلك جيداً”.
وزاد السفير الفرنسي “لا يمكن أن نتوقع من الجيش اللبناني أن يصبح فعّالاً بين ليلة وضحاها. كما تعلمون، هناك حالياً 1500 جندي إضافي يخضعون للتدريب، ومن المفترض أن يبدأوا مهامهم خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وليس خلال بضعة أشهر. وبعد ذلك سيكون هناك تجنيد لدفعة جديدة من الجنود اللبنانيين لمواكبة تصاعد قدرات الجيش، حتى يتمكن من تنفيذ جميع مهامه، وأعتقد أن الأمور من هذا الجانب تتقدم بشكل إيجابي”.
وعن موقف فرنسا إذا طالت مسألة حسم السلاح غير الشرعي واتخذت الإدارة الأميركية وكذلك إسرائيل، قراراً بالتصعيد للضغط على لبنان، يجيب السفير بأن باريس تدعم جهود اللبنانيين والرئيس عون والحكومة. ويضيف “سنرى ما سيحدث، ولكن في كل الأحوال، سندعم القرارات التي ستتخذها الحكومة بشأن هذه المسألة، كما في مسائل أخرى، لأننا نعتبر أن هذه سنة مهمة جداً جداً لمستقبل لبنان”. وتعّول فرنسا على الانتخابات النيابية المرتقبة في عام 2026، والتي هي بحسب ماغرو بداية مرحلة جديدة، مشدداً مرة جديدة على أن “هذه السنة الأولى مهمة جداً لنجاح هذا العهد، الذي قد يكون عهد التجديد والانتقال بالنسبة للبنان، مكرراً أهمية دعم الرئيس عون وجهود الحكومة من أجل تحقيق الإصلاحات.
هل منطقة جنوب الليطاني باتت خالية من السلاح ؟
وانطلاقاً من عضوية بلاده في لجنة المراقبة سألنا السفير الفرنسي عن تقييمه للوضع بعد ستة أشهر على وقف الحرب وهل فعلاً باتت منطقة جنوب الليطاني خالية من السلاح ومن عناصر “حزب الله”؟ فأجاب بأن الكثير من التقدم قد تحقق، “لقد عملت اللجنة كثيراً أثناء انسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان، على رغم أنه لا تزال هناك مسألة النقاط الخمس التي لا تزال إسرائيل موجودة فيها”. وشرح أن “اللجنة عملت بجدّ لضمان هذا الانسحاب الإسرائيلي، وهي تعمل يومياً على تهدئة الأوضاع بين الطرفين، وتتناول الأحداث المحتملة وتعمل على منع المشكلات”. ويعترف بأنه “لا يزال أمام لجنة المراقبة الكثير من العمل على الأرض لمراقبة وتوثيق ما يحدث، وربما كان بإمكانها أن تقوم بعمل أفضل، وهذا ما نقوله بانتظام، لا سيما في ما يتعلق بانتهاكات وقف إطلاق النار، لكنها أنجزت الكثير من العمل الجوهري الذي قد لا يكون ظاهراً للعيان، لكنه ضروري وواضح”.
لا موعد لمؤتمر دعم لبنان
وعلى رغم تعهد الرئيس الفرنسي خلال استقباله الرئيس عون بعقد مؤتمر دولي في باريس لدعم لبنان، إلا أن تاريخ انعقاده لم يتحدد بعد. وبرر ماغرو السبب بعدم الرغبة في الدخول في مؤتمر جديد ينتهي بإعلانات عن مساهمات، ولا يحدث شيء بعد ذلك. ويضيف “أنتم تعلمون أننا، للأسف، مررنا بهذه التجربة مع مؤتمرات عدة في باريس، إضافة إلى مؤتمر ‘سيدر’، حيث تم الإعلان عن مساعدات دولية بلغت قيمتها 11 مليار دولار، ولكن في النهاية لم يُصرف منها سنتاً واحداً”.
السلاح في موازاة الإصلاحات
هل مسألة السلاح هي من ضمن هذه الشروط؟ أجاب السفير الفرنسي أن “مسألة السلاح ستبقى في جميع الأحوال مسألة جوهرية”. وأضاف، “عندما وصلت إلى هنا قبل عام ونصف العام، لم أكن أتوقع أن يأتي يوم سنتحدث فيه بهذه الطريقة عن مسألة سلاح ‘حزب الله'”. ورأى أنه بالتوازي مع مسألة السلاح يجب العمل على الإصلاحات والوضع الاقتصادي، لأن هناك ضرورة لإجراء هذه الإصلاحات بغض النظر عن مسألة سلاح الحزب. وتابع “لنفترض أن ‘حزب الله’ جُرّد من سلاحه غداً، فإن البلاد على رغم ذلك ستبقى في وضع صعب جداً إذا لم يتم إقرار الإصلاحات الاقتصادية”.
واعتبر أنه يجب أن تكون لدى الدولة اللبنانية الوسائل اللازمة للبدء بإعادة الإعمار في الجنوب، وأن تقوم بذلك بنفسها، ومن هنا أهمية الإصلاحات. وحدد الإصلاحات المطلوبة بثلاث، السرية المصرفية وإعادة هيكلة القطاع المصرفي وحوكمة مجلس الإنماء والإعمار (CDR). وهذه الإصلاحات الثلاثة بحسب رأيه “تمثل الخطوة الأولى لمنح الحكومة اللبنانية القدرة على القيام بشيء على الأرض يلبي تطلعات الناس”.
ليس الوقت المناسب للتشكيك بـ”اليونيفيل”
وقبل شهرين من جلسة التجديد للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) المتوقعة في أغسطس (آب) المقبل، تدفع فرنسا، وهي صاحبة القلم في قرار التجديد في مجلس الأمن، باتجاه تعزيز عمل تلك القوات دعماً للجيش اللبناني لتمكينه من الاستمرار في القيام بمهمته في الجنوب. ويوجه ماغرو تحية إلى الـ700 جندي وجندية الفرنسيين العاملين في القوات الدولية من ضمن الـ10 آلاف المنتشرين على الحدود من جنسيات مختلفة، تنفيذاً لمهمة حفظ السلام. واعتبر أن هناك حاجة لتعزيز الدور الذي تقوم به “اليونيفيل” ميدانياً، لافتاً إلى أن “الهدف النهائي للجميع هو أن يأتي يوم لا نعود فيه بحاجة إلى وجود اليونيفيل، ولكن لتحقيق ذلك، لا بد من وقت إضافي لمواكبة تصاعد قدرات الجيش اللبناني في الجنوب وفي بقية أنحاء البلاد أيضاً”. ويضيف، “لذلك ليس هذا هو الوقت المناسب للتشكيك في وجود اليونيفيل”.
هل عدم التجديد أمر جدي؟ يؤكد ماغرو أنه في كل عام، وفي مثل هذا الوقت من السنة، يُعاد طرح التساؤلات حول دور “اليونيفيل” ووجودها. ويعتبر أنه ربما هذه السنة يحمل هذا الطرح دلالة أكبر بسبب ما حدث خلال العام المنصرم، ولهذا تعود هذه المسألة بحدة أكبر، لذلك فهذا ليس مفاجئاً. ويضيف “ستكون لدينا نقاشات مع عدد من شركائنا، وهناك أيضاً مسائل تتعلق بالموازنة، لأن الولايات المتحدة كانت قد أعربت عن رغبتها في تقليص بعض نفقاتها، وقد قامت بذلك بالفعل في بعض القطاعات، وهي ترغب في تطبيق ذلك أيضاً على عمليات حفظ السلام، حتى في هذا السياق، سنواجه تحديات، لكننا مصممون على الاستمرار والعمل من أجل ضمان تجديد هذا التفويض”.
نعمل على تحسين قرار التجديد لـ”اليونيفيل”
أما عن تعديل القرار فيعتبر أن “هذا سؤال يجب طرحه على اللبنانيين، لأن الحكومة اللبنانية هي من تقوم عادةً بإرسال رسالة تطلب فيها تجديد تفويض ‘اليونيفيل’، ومن المهم احترام السيادة اللبنانية، لذا فإن الكلمة الأخيرة يجب أن تكون للبنانيين”.
ويستبعد ماغرو أن يكون المطروح هو تغيير التفويض، لأن النقاش قائم دائماً حول تفويض أكثر عمليّ، مشدداً على “ضرورة العمل على كيفية تحسين هذا التفويض وجعله أكثر عملية، فهو موجود بالفعل، ونراه كافياً في رأينا، لكن يجب الآن أن نأخذ في الاعتبار التطورات الميدانية، وضرورة تعزيز التنسيق بين الجيش اللبناني واليونيفيل بشكل أكبر”.